يعد العنف ضد النساء من أبرز القضايا التي تصدرت المشهد لاسيما مع تدهور الوضع العام للبلد الأمر الذي انعكس سلباً على الأسرة اليمنية وتحديداً النساء حيث يتعرضن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
ولمحاربة هذا العنف وانطلاقاً من مفهوم الذكورية الإيجابية، لزم إشراك الرجل لإيقاف الدماء التي تسفك، من خلال تطوير سلوك الرجل.
وسيلة لإنهاء النمطية السائد
تسود المجتمع اليمني عادات وتقاليد نمطية متوارثة تحدد النظام لكل من الرجل والمرأة، الأمر الذي أدى إلى وجود عنف قائم، باعتبار الرجل هو صاحب السلطة والقرار المطلق، وإذا ما أردنا إنهاء تلك النمطية السائدة لزم تعزيز مفهوم الذكورية الإيجابية.
يقول عصام الأحمدي – رئيس رابطة الأخصائيين الاجتماعيين اليمنيين- لمنصتي 30 إن “الثقافة الذكورية السائدة في المجتمع اليمني لعبت دوراً كبيراً في زيادة معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي وذلك لتوارث عادات وتقاليد مجتمعية نمطية ساهمت في ذلك ابتداءً من حرمان المرأة من بعض الحقوق داخل الأسرة والتضييق عليها بعادات وتقاليد عفا عليها الزمن، فعلى سبيل المثال المرأة في بعض المناطق ليس لها رأي في أي قرار داخل الأسرة، وما عليها إلا السمع والطاعة لما يقرره الرجل حتى في اختيار شريك حياتها، وفي بعض المناطق يمنع على المرأة الالتحاق بالجامعة والعمل وقيادة السيارة وغيرها من الممارسات التي تندرج ضمن العنف القائم على النوع والجنس الاجتماعي. ونتيجة للنزاع في البلد تغيرت الأدوار الاجتماعية للمرأة، وترتب عليها زيادة معدلات العنف على مختلف المستويات”.
ويرى الأحمدي أن ذلك “يستدعي معالجة جذرية لهذه الثقافة الخاطئة من خلال تعزيز الذكورية الإيجابية والتوعية المستمرة والضغط من المجتمع المدني لإقرار تشريعات واضحة تعزز المساواة وتتيح الفرص للجميع دون انتقاص ومحاربة العادات النمطية السائدة في المجتمع اليمني”.
الذكورية الإيجابية وإيقاف العنف
تحمل الذكورية الإيجابية عدداً من المعاني التي تناهض المفهوم الخاطئ للرجولة، ما يفاقم العنف ضد النساء حيث تتمثل الرجولة بالمواقف المشرفة والأخلاق العالية واحتواء المرأة ومساندتها والأخذ بيدها لطريق النجاح، وتناهض العلاقات التي تقوم على الهيمنة والتبعية بين الرجال والنساء وبين الرجال أنفسهم والنساء أنفسهن.
بحسب استبيان شمل عينة من 60 شخصاً أجراه الكاتب لإعداد هذا التقرير حول الذكورية الإيجابية ودورها في مكافحة العنف القائم فقد أظهرت النتائج أن 63% لم يسمعوا بمصطلح الذكورية الإيجابية من قبل، في حين أن 54% منهم لا يتصفون بالذكورية الإيجابية القائمة على مساندة المرأة.
ونفى المشاركون في الاستبيان أن يكون هناك علاقة بين العنف القائم والذكورية السلبية، حيث قال %84 من المستطلعين إنه “لا توجد علاقة بين المفهومين”، لكن يعتقد %93 من إجمالي أصوت الشريحة المستطلعة أنه إذا اتصف الرجل بالذكورية الإيجابية سيتوقف العنف القائم.
معانٍ جديدة للرجولة
يمكن للرجال تقديم معانٍ جديدة لمفهوم الذكورية، والرجولة، وليس من الطبيعي، ولا من اللازم أن تقترن الذكورية بالعنف. ويعد إشراك الرجل للقضاء على العنف، من أهم الوسائل في محاربة العنف القائم، وتعزيز ما بات يعرف بالذكورية الإيجابية التي تقدم معانٍ جديدة للرجولة.
وقالت المستشارة الأسرية والمعالجة الشعورية نجلاء الكوماني إنه “كلما يتم تفعيل وتنشيط الشعور لدى الذكور أنهم يحتوون ويعطون للأنثى بحب فإنه يصبح في دائرة الحب والرحمة معها، فيحدث الاتزان للكون أجمع، لذلك لابد من إعادة برمجة جديدة للذكور، نعي قدسية الأنثى فعلاً”.
وتضيف الكوماني لـ”منصتي 30″ أن “الذكر الإيجابي قادر على احتواء الأنثى والتعامل معها كشريك مهم ومركزي وليس كتابعة له، ويغذي فيها القوة الحقيقية الداخلية لأنها أساس بناء جيل واعٍ ومتزن”.
صناعة الذكورية الإيجابية
تلعب التنشئة الاجتماعية دوراً بارزاً في صناعة الذكورية الإيجابية القائمة على احتواء الأنثى، وإعطائها القوة والقدرة على العطاء والتمكين بحيث تكون نصف المجتمع.
ويحول الذكر الإيجابي الأنثى الضعيفة الموصوفة بالعحز إلى شخصية قادرة على التفاعل في المحيط الاجتماعي، وينقلها من الاتكالية المطلقة والاعتماد على الآخرين إلى الاستقلالية والاعتماد على النفس.
ومن خلال التنشئة الاجتماعية الصحيحة يكتسب الطفل المهارات الاجتماعية والمعرفية والانفعالية والعاطفية اللازمة لتحقيق التكيف والتفاعل السليم مع بيئته الاجتماعية وبالتالي مع شريكه في المجتمع وهي المرأة.
مقال رائع جدا