لقد نسي دماج انتماءه لحزب لا يمثل من قيم الهوية اليمنية شيئاً ANP
article comment count is: 0

لأنكم أحزاب مستوردة!

في حوار نشر مؤخراً مع مطيع دماج عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، ومن بين تلك المكعبات اللغوية المعقدة طولاً وعرضاً تحدث عن “هوية اليمن” كضحية مسلوبة الإرادة والكيان، على أن دماج يخوض معركته الأزلية لاستردادها.
هكذا نصب نفسه فارساً يغامر بكل ما يملك من مفاهيم الفكر اليساري في سبيل “الهوية اليمنية” التي تعتبره دخيلاً عليها مثلما بقية التيارات القومية والسيادينية المستوردة إلى بلادنا.
لقد نسي دماج انتماءه لحزب لا يمثل من قيم الهوية اليمنية شيئاً، لأنه ببساطة “اشتراكي” قدم حزبه من خارج المنطقة العربية واليمن التي تشكلت فيها الهوية الوطنية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، قبل مجيئه بنوايا استلابها وإعادة خلقها من جديد وفقاً لمشيئة اليسار، فكيف بصبح جلاد الهوية ضحية وفارساً بذات الوقت لاستعادة ملامحها الأصيلة!.
من حق العقل اليمني أن يرى دماج بعين السخط والحماقة، لكون حزبه مجرد فرع لتنظيم دولي له من مبادئ الفكر اليساري المستوردة ما يصنفه في قائمة التآمر الأولى على خمسة آلاف سنة من الهوية اليمنية الخالصة، التي تطور وعيها السياسي على شكل أحزاب جبهوية مطلع الثمانينات لأجل الحفاظ على الهوية من أعداء اليسار.
فعندما أنتجت تلك المرحلة أحزاباً كتب أدبياتها اليمنيون بوحي من الواقع الوطني، كان حزب دماج يوزع للناس أدبياته التي أوحى بها ماركس ولينين في زمانهم وأرضهم البعيدتين عنا، ويغرسون فيهم قيم الولاء والانتماء للشيوعية، وعندما كان المجتمع يتنافس في البحث عن فرص العيش الوثيرة، وتملك الأرض والمسكن كحقوق طبيعية، جاء حزب دماج بمبدأ: “اعطه سمكة كل يوم ولا تعلمه كيف يصطاد” فعطل رغبات المجتمع وتنافسه، وأمم ثرواته، وأحرق خيوله لأنها رمزية (البرجوازيين) التي تتناقض مع ضرورة أن يكون المجتمع الإشتراكي (كادحاً!)، فمن الذي جاء بالمطرقة لغرس المسامير في نعش الهوية اليمنية؟
ستجد اليمني يا دماج مرتدياً لملابسه التلقيدية، بينما أنت ترتدي تيشيرت عليه صورة لفيدل كاسترو وتشرب السيجار الكوبي، وعندما يريد اليمني أن يتزود بكورس في الهوية اليمنية، لا شك سيضع عصا ترحاله على أبواب صنعاء القديمة، في حين أنك ستسعين بجوجل للسفر إلى ماضي الاتحاد السوفيتي ورموزه المنقرضين لتعزز من حضور المنجل والمطرقة في عقلك وهوية بلدك اليمن، فلماذا تتحدث عن “الهوية” وبمصطلحات لا يعرفها اليمنيون منذ كانوا!
الشواهد كثيرة تدلل أن دماج الاشتراكي ليس يمني الفكر ولا يؤمن بالجغرافيا، لقد فرضته الأقدار -التي لم تدم طويلاً- في الجنوب والشمال معززاً بقوة الخارج لا بالحضور الشعبي، لذلك انتهت مملكته وبقيت اليمن، فتلاشت الجدلية المادية ونظريات الخيال الماركسي، عاد للسياسة برفقة أشباه النشأة وسرعان ما غادروها جميعاً في آخر انتكاسة سياسية، لماذا؟ لأنهم أحزاب مستوردة.
والحقيقة أن حزب دماج يعيش صراعاً غير صراعنا، وعالماً متفرداً بهويته وأحداثه وقضاياه، غارقاً في البؤس وقلة الحيلة، متناقضاً بين الفكر والممارسة، بين الاتفاقات المعلنة وإملاءات الخارج التي قالت له في صيف 94م: “هدم هوية اليمن الموحدة”.

 

  • مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي “منصتي 30”.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً