مع تنامي استخدام مواقع التواصل الاجتماعية في اليمن، وظهور مزيد من التطبيقات والبرمجيات الذكية، اتسع نطاق الجرائم الإلكترونية بشكل مفزع جداً، لا سيَما جرائم ابتزاز الفتيات عبر واتس آب و فيسبوك لأغراض جنسية أو مادية.
إن الحضور الطاغي للتقنيات الحديثة في عالم التكنولوجيا المعاصر، ونشر البيانات الشخصية والمعلومات الحساسة عبرها دون وعي كافي بمخاطر التكنولوجيا وطرق الأمان المتبعة فيها، سهَل مهمة الذئاب البشرية ولصوص البيانات في الإيقاع بالضحايا.
تختلف طرق الابتزاز الإلكتروني للفتيات باختلاف المجرمين وأساليبهم في خداع الضحايا، فمنهم من يقوم بإرسال روابط وهمية لمسابقات أو فرص عمل إلى الضحايا سواءً من خلال فيسبوك أو واتس آب، وفور ضغط الضحية على الرابط يجد نفسه في نافذة جديدة تٌطالبه بتسجيل الدخول، وبمجرد موافقته على تسجيل الدخول تصبح بيانات حسابه بيد تلك الذئاب الشريرة، وبالتالي تسحب منه كل المعلومات والصور الخاصة. ومنهم من يستغل خبرته في إصلاح أعطال الأجهزة الإلكترونية في سرقة بيانات الضحايا وخصوصياتهم، ويبدأ رحلة المساومة والابتزاز للضحايا بإرغامهم/ن على تنفيذ رغباته مقابل عدم نشر ما يخصهم/ن من أسرار حساسة، ومن يرفض تلك المساومة المبتذلة سيدفع ثمناً من سمعته لا يقل عن ثمن تلبية رغبات المبتز.
من الواقع
(أ.ع.ح) فتاة جامعية من صنعاء تحكي قصتها مع المبتزين لمنصتي 30: “اتصلت بي فتاة من رقم غير معروف وتحدثت معي بأسلوب جذاب وقدمت لي نفسها كمسؤولة في إحدى المنظمات الإنسانية وأخبرتني أن أحد المتعاونين أعطاها رقم هاتفي من أجل تقديم بعض المساعدات لي ولأسرتي، ثم طلبت مني معلومات عن اسمي وحالتي الاجتماعية وعمري وعدد أفراد أسرتي، أنا بصراحة شكيت فيها وأعطيتها معلومات خاطئة”.
وتضيف: “في اليوم الثاني مباشرة فتحت الواتس آب ووجدت رسائل من عدة أرقام واحد منهم أرسل لي نفس المعلومات التي أعطيتها للفتاة المتصلة، يشتي يتعرف عليّ أكثر، وواحد طلب مني صورة لإرفاقها في استمارة المنظمة، ولما رفضت بدأ يهددني إنه يعرف كل شيء عني، وإن صوري وملفاتي كلها عنده وبيوديني في داهية لكني حظرته على طول، والحمدلله ما كان في بتلفوني أي صور أو بيانات شخصية، والأهم إن البيانات التي أعطيتها للبنت كانت خطأ، عشان كذا ما خفت منهم”.
فتاة أخرى -اشترطت هي الأخرى عدم ذكر اسمها- تروي لمنصتي 30 قصتها قائلة: “قبل فترة أرسل لي شخص على الماسنجر رابط للمشاركة في مسابقة، وبالفعل دخلت على الرابط، ولأني ما أفهم في القرصنة سجلت بياناتي وتم اختراق حسابي في الفيسبوك والماسنجر ولم أتمكن بعدها من الدخول إلى حسابي”.
وتضيف “بعدها بساعات أرسل لي رقم أمريكي على واتساب صور لبعض محادثاتي مع زميلاتي وصور شخصية عادية كنت أرسلتها لخطيبي، ويريد مني فلوس مقابل عدم نشرها، لكني تظاهرت بالخوف منه ووعدته أعطيه الفلوس، وفي اليوم الثاني اتصل بي من رقم يمني لكي أقابله وأسلم له الفلوس، واتفقنا على المكان، وبعدما انتهت المكالمة ذهبوا أخواني وخطيبي يلاقوه لأني أخبرتهم بكل شيء منذ البداية، وفعلاً قبضوا عليه وعاقبوه العقاب اللي يستحقه وأخذوا جواله وسلموه للشرطة”.
هذه النماذج من قصص الابتزاز هي الأخف ضرراً كون الضحايا لم يتركن فرصة للمبتزين للإيقاع بهن، لكن هناك قصص مؤلمة لم نستطع الوصول إلى ذويها بحكم العادات والتقاليد وما يصاحبها من تكتم خوفاً من الفضيحة.
ساهم مرتكبو هذه الجرائم في تدمير الكثير من الأسر، وحولوا حياة أفرادها إلى جحيم يغذيه شعور الشك والحقد والرغبة في الانتقام داخل الأسرة نفسها؛ بسبب الخصوصيات التي يستمتع المجرمون بتسريبها إلى مواقع الإنترنت دون اكتراث لمصير ذويها، خصوصاً في مجتمعنا الذي يتكئ على موروث قبلي يبالغ في القسوة على المرأة، ويحملها تبعات مثل هكذا جرائم، دون أن يمنحها الفرصة في الدفاع عن نفسها، أو مدّ يد المساعدة لها في حال تعرضها لحالة ابتزاز أو ما شابه ذلك.
غياب القانون
في الحقيقة لم يصدر في اليمن أي قانون يتصدى للجرائم الإلكترونية بشكل صريح، سوى قانون الدفع الإلكتروني الصادر عام 2006، والذي يتناول هذه الجرائم بشكل جزئي فقط. وهذا ما يدعو إلى تحرك عاجل من قبل الدولة لإصدار تشريعات قانونية صارمة وخاصة للجريمة الإلكترونية، بحيث تتضمن عقوبات عادلة تجاه مرتكبيها، ورقابة شديدة على مراكز بيع وإصلاح الهواتف منعاً للابتزاز ومسبباته، وتسهيل إجراءات الإبلاغ عن هذه الجرائم والتعامل معها (البلاغات) بجدية، والتحرك السريع لضبط الجناة فور تلقي البلاغات الموثوقة، من أجل كبح جماح الجريمة وتجفيف منابعها ومسبباتها، إضافة إلى توعية المجتمع بمخاطر السكوت على هذه الجرائم، وحثهم على الإبلاغ عنها لتسهيل السيطرة عليها مبكراً وتجنب مآلاتها الكارثية على الجميع.
اتفق كلام صحيح جداً
نعم فازدياد الابتزاز الالكتروني يؤكد من ضرورة قانون للحد من هؤلاء المبتزين ولابد ان يكون لليمن دورا كبير بذلك،ويجب على الاسره والفتاه عدم الخوف من العادات والتقاليد عندما تتعرض لذلك ويقومون بالتبلغ..