ضرب فايروس كورونا المستجد كوفيد-19 العالم فاتجهت الأنظار إلى البلدان التي تشهد النزاعات ودائماً ما كانت اليمن في المقدمة.
في ظل أزمة إنسانية هي الأسوأ على مستوى العالم ونظام صحي شبه منهار في بلد يعيش حرب شاملة منذ سبع سنوات، تزايدت المخاوف من أن يكون تأثير الفايروس على اليمن كارثياً ولا يمكن السيطرة عليه أو انحساره بشكل متسارع، إلا أن تلك المخاوف سرعان ما تبددت حيث أن الموجة الأولى من الفايروس لم تكن بذلك الرعب في اليمن وكانت الإصابات في البلد أقل مقارنة بعدد كبير من الدول التي لا تعيش في ظروف أمنية واقتصادية أفضل من اليمن، وهنا ظن الجميع بأنهم قد اكتسبوا مناعة القطيع وبالتالي لن يصابوا بالفايروس مرة أخرى فقد مرت الموجة الأولى وأصيبوا بنفس أعراض الفايروس ما جعلهم يظنون أن نظرية مناعة القطيع قد نجحت، إلا أن الموجة الثانية من الفايروس في اليمن قد بدأت بقوة وشراسة بما يهدد نجاح نظرية مناعة القطيع.
تاريخ مناعة القطيع
ترى منظمة الصحة العالمية أن مناعة القطيع أو مناعة السكان هي الحماية غير المباشرة من مرض معدٍ، والتي تتحقق عندما يكتسب مجموعة سكانية ما المناعة من ذلك المرض إما عن طريق اللقاح أو الإصابة السابقة بالعدوى. وتدعم منظمة الصحة العالمية تحقيق “مناعة القطيع” عن طريق التطعيم وليس بالسماح للمرض بالانتشار في أوساط أي شريحة سكانية، لما قد ينتج عن ذلك من حالات ووفيات لا داعي لها.
وفي ضوء ذلك فإن تلقي اللقاحات هو العامل المهم في اكتساب مناعة القطيع أو مناعة السكان ليس في كورونا وإنما في جميع الأمراض الوبائية وهو ما لا يعرفه الكثيرون.
ظهر مصطلح مناعة القطيع لأول مرة في عشرينات القرن الماضي، عندما ضرب مرض الحصبة العديد من دول العالم وقتل الآلاف من الأطفال، وفي تلك الفترة لوحظ أن هناك أطفال في ولاية بالتيمور الأمريكية قد تكونت لديهم مناعة من مرض الحصبة بما فيهم الأطفال المعرضين للإصابة.
وبين عامي 2002-2004 تفشى فايروس سارس أو ما يعرف بـ”متلازمة تنفسية حادة وخيمة” في الصين، وتصيب الأشخاص بصعوبة حادة في التنفس تؤدي إلى الموت، وحتى اللحظة لا يوجد علاج فعال للقضاء على الوباء الذي مايزال ينتشر في الصين وبعض دول شرق آسيا، هناك اكتسب الناس مناعة القطيع في مواجهة سارس إلا أن هذه المناعة وحتى اللحظة مازالت تواجه التحديات حيث أن تسجيل الإصابات بالفايروس في دول شرق آسيا ماتزال في انتظار اكتشاف اللقاح المناسب له ليساهم أكثر في توفير مناعة القطيع.
أما فايروس كورونا فإن منظمة الصحة العالمية تصف ترك الناس يصابون بالمرض لتتكون لديهم مناعة بأنه أمر غير أخلاقي حيث أن السماح للفايروس بالانتشار قد يؤدي إلى وفيات يمكن تلافيها، وتقول المنظمة أن الإجراءات الاحترازية لا بد منها في خصوصاً في الدول التي لا يمكن أن يصل إليها اللقاح في القرب العاجل.
كورونا في اليمن
مناعة القطيع في غالبها تعتمد على حصول غالبية الناس على اللقاحات لتتكون مناعة القطيع لديها. وفي اليمن لم تكن الإصابات بفايروس كورونا عالية في عام 2020، لذلك اعتمدت السلطات في صنعاء وعدن مناعة القطيع في مواجهة الفايروس في موجته الأولى التي ضربت العالم ووصلت اليمن على استحياء ولم تعلن الإغلاق العام كما في أغلب دول العالم من بينها جيران اليمن.
والآن مع الربع الثاني من العام 2021 وفي الوقت الذي اعتقد الجميع فيه أن اليمنيين قد اكتسبوا مناعة القطيع واستمروا في حياتهم اليومية بشكل طبيعي، بدأت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وجماعة أنصار الله “الحوثيون” بالتحذير من عودة الفايروس إلى الظهور مجدداُ لتظهر الحالات وترتفع بشكل متواصل ليقترب من إجمالي الحالات التي أصيب بها اليمنيون في العام 2021 والذي يبدو أنه سيتضاعف خلال الفترة القادمة.