تنتشر مواقع السوشل ميديا (التواصل الاجتماعي) في اليمن بشكل كبير، خصوصاً فيسبوك، واتساب، وتويتر والتي تعد أهم مصادر الحصول على الأخبار لدى اليمنيين، بعد التقييد على وسائل الإعلام التقليدية من جماعة أنصار الله (الحوثيون)، وفرض الحجب على الكثير من المواقع الإعلامية الإلكترونية، الأمر الذي دفع اليمنيين للبحث عن بدائل أخرى لمتابعة مستجدات الأحداث في بلدهم، والعالم.
هناك 2.30 مليون مستخدم نشط على مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، وهو ما يشكل نسبة 7.9% من السكان لعام 2019، حسب تقرير الرقمية العالمية للعام 2019،و بحسب دراسة أجرتها مؤسسة (منصة) فإن 95% من اليمنيين يحصلون على الأخبار والمعلومات من مواقع التواصل الاجتماعي، وبحسب الدراسة أيضاً يتصدر “فيسبوك” المرتبة الأولى بالنسبة لاهتمامات واستخدام اليمنيين، بنسبة 98.7%، ثم تطبيق واتساب بـ92.7%، ثم موقع “تويتر” بـ 59%، يليه “تيليغرام” بـ45.7%، و”يوتيوب” بـ38.3%، و”إنستغرام” بـ34%، وأخيراً “المدونة” (بلوغ) بـ15.3%.
لا يقتصر استخدام هذه المواقع على متابعة أخبار فقط، إذ وظفها اليمنيون لممارسة العديد من الأنشطة، وباتت هذه المواقع تشغل مجالات تتجاوز حدود التواصل، ومتابعة الأخبار، سنتناول أهم تلك الاستخدامات بشيء من التفصيل في هذه المادة.
سياسياً
باتت مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن فضاء يعج بالمواضيع السياسية، ويتجه أغلب الناشطين في موقعي فيسبوك وتويتر إلى المواضيع السياسية، أكثر من أي مواضيع أخرى، ويتناولونها وفقا لمقتضى الحال يحللون بعضها، وينتقدون بعضها، ويسخرون مما يستدعي السخرية.
ساهمت مواقع التواصل في تشكيل التوجهات العامة لليمنيين، وعززت وعيهم السياسي تجاه الكثير من القضايا السياسية في وطنهم، وحول الأدوار السياسية التي لعبتها هذه المواقع في المجتمع، تقول الدكتورة سامية الأغبري، رئيس قسم الصحافة السابق بكلية الإعلام جامعة صنعاء لمنصتي 30 : “لعبت مواقع التواصل أدواراً سلبية إذ أصبح هناك ميول لدى المجتمع لتسيس كل شيء، وأصبحت السياسة في هذه المواقع رديفاً للانتهازية، والكذب، وتداول الإشاعات، وتلفيق التهم”، وتضيف “لكن لهذه المواقع أدواراً إيجابية عديدة في الجانب السياسي، فقد أتاحت هذه المواقع لكل فرد التعبير عن وجهة نظره إزاء الأوضاع، والأحداث السياسية بكل حرية، وأدت إلى تضارب الآراء، وفتحت مجالات للتحاور، كما عززت الوعي السياسي للأفراد، ووسعت مداركهم السياسية، كما قضت هذه المواقع على احتكار النخبة للحديث في الشأن السياسي، وبفضلها تمكن الكثير من الرجال والإناث من دخول معترك السياسة، وناقشوا الكثير من القضايا السياسية، كما تغيرت القناعات السياسية الخاطئة لدى كثير منهم، بفضل مواقع التواصل”.
اجتماعياً
الجانب الاجتماعي يعد ثاني الجوانب التي يهتم بها اليمنيون على مواقع التواصل، وفيه يعبر الناشطون عن اهتماماتهم، وهواياتهم الشخصية، وينقلون من خلاله معاناتهم اليومية من الظروف، والأوضاع التي يعايشونها، والأهم من هذا أنهم يناقشون الكثير من القضايا الاجتماعية، كالتكافل الاجتماعي، في ظل الظروف المأساوية في البلاد، وكذلك تناول القضايا التي تؤرق المجتمع، كقضايا حقوق المرأة في السلطة، والميراث، والتي أصبحت متاحة بفضل مواقع التواصل، الأمر الذي ساهم في كسر الكثير من التقاليد والموروثات الظالمة.
في هذا الصدد تضيف الدكتورة سامية: “هذه المواقع نشأت من أجل التواصل الاجتماعي، لتقوم بتوطيد العلاقات الاجتماعية بين الناس، وتهتم بحياتهم الشخصية، وتعبر عن أوضاعهم، وتجعلهم قادرين على تجاوز سلبيات الماضي من عادات وتقاليد سلبية لا تتناسب مع العصر، وتخلق بيئة ملائمة للتقارب بين الناس”، وتضيف “هناك العديد من القضايا الاجتماعية في اليمن كان يصعب الحديث فيها، بسبب عادات وتقاليد قديمة، أصبحت اليوم متاحة بفضل مواقع التواصل، كالحديث عن العنف ضد المرأة من حيث الإكراه على الزواج، وزواج القاصرات، وحالات الاغتصاب للمرأة، وحجاب المرأة، وما شابه ذلك، وكذلك قضايا الإرث وخاصة للمرأة، وقضايا الثأر، وقضية تعليم المرأة، ومشاركتها في كافة المجالات “كل هذا يشي عن أهمية الدور الذي لعبته وسائل التواصل في المجتمع اليمني على الصعيد الاجتماعي”.
الربط بين الدولة والشعب
وفرت مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن وسيلة تواصل سريعة وقوية بين قيادات الدولة، والمواطنين خصوصاً في ظل امتلاك الطرفين لحسابات شخصية على هذه المواقع، إذ بات بمقدور المواطن أن يكتب عن معاناته، أو يتناول قضايا فساد حكومي، وينشرها في أكثر من منصة إلكترونية، لتصل إلى آلاف المتابعين، وكذلك بوسعه إرسالها إلى الجهات المسؤولة في ذات الوقت، ويرى كثير من اليمنيين أن هذه الوسائل تشكل وسيلة ضغط سريعة على الدولة، إذ استطاعوا بواسطتها فرض إرادتهم على الدولة، وإثنائها عن إصدار قرارات، وإلغاء أخرى في الكثير من المراحل السياسية، ناهيك أن هذه المواقع تمتلك تأثيراً كبيراً في خلق الرأي العام، وتشكيله، وتوجيهه.
وحول علاقة الربط التي صنعتها مواقع التواصل بين الدولة، والشعب يقول الكاتب اليمني مروان الغفوري في تصريح مقتبس لمنصتي 30 : “في التاسع من يونيو، قبل سبعين عاماً، أصدر جورج أورويل روايته الشهيرة (1984)، في هذه الرواية نجد “الأخ الأكبر” يطلع على كل شيء، يراقب كل حركة وسكون، نحن اليوم نعيش دور الأخ الأكبر بطريقتين مختلفتين، تراقب موقع التواصل كل ما نفعله، لاعبة بذلك دور الأخ الأكبر من جهة، ويراقب الجماهير من خلال هذه الوسائط ما تفعله حكوماتهم من جهة أخرى، وهم بذلك -أي الجماهير- يلعبون دور الأخ الأكبر في مواجهة السلطة التي تبدو في هذه الحالة الأخ الأصغر، كتوصيف دقيق للعلاقة بين الدولة، والشعب تحت راية مواقع التواصل”.
رغم كل ما تقدم تبقى هناك ردود فعل متباينة بين اليمنيين في تقييم هذه المواقع، واستخداماتها، فهناك من يرى أن هذه المواقع تخدم التظليل بترويج الشائعات، والأخبار الكاذبة، ومن يرى أنها مصدر مهم لمعرفة الحقائق التي تم توثيقها من قبل شهود عيان يتواجدون في أماكن الأحداث لحظة وقوعها، وبغض النظر عن هاتين الرؤيتين، تبقى مواقع التواصل الاجتماعي ذات حضور قوي في مختلف الأحداث التي يعيشها العالم، واليمن خصوصاً، وقدمت فوائد عظيمة لجل مستخدميها كالتعلم، والحصول على الأخبار، والمعلومات، كما فرضت نفسها كأهم وسائل الإعلام، التي تغطي مختلف الشؤون، والأحداث في البلاد، في ظل التغييب القسري للإعلام التقليدي في الداخل من قبل الحوثيين، وتجاهل وسائل الإعلام الرسمية، التي تعمل من خارج الوطن لهموم، وتطلعات الشعب، الذي يعاني في الداخل.
بالواقع من الصعب للغاية.. في ظل وجود الفئة السيئة.. مع سيدها السيئ..
ولكن بمواقع التواصل الإجتماعي..يستطيع الإنسان اليمني الحديث وبحرية ولو قليلاً خصوصاً في الأماكن الخاضعة تحت سيطرة الحوثي…
وقوله تعالى اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وسيق اليمنيين إلى جهنم زمرا