التعليم اليمن مأساة
تلميذ يمني في طريقه إلى المدرسة | أرشيف - Shutterstock
article comment count is: 1

التعليم في اليمن.. مأساة تذهب وكارثة تأتي!

عام دراسي جديد يستقبله اليمنيون بخوف وقلق بالغين، خصوصاً وأن ثمة مشاكل جمة تنذر بفشله، لا سيما في القطاعات الحكومية، بعد مرور قرابة أربعة أعوام من الحرب الدائرة في البلاد.

ارتفاع في أسعار اللوازم المدرسية بشكل جنوني، وأزمة مواصلات خانقة في ظل انعدام المشتقات النفطية، وامتناع الكثير من المدرسين عن الدوام جراء انقطاع رواتبهم، إضافة إلى عدم توفر الكتاب المدرسي، كلها أسباب تشي عن عام كارثي في قطاع التعليم الحكومي، وتترك الباب مفتوحاً أمام مزيد من المخاطر التي تحف مستقبل أجيال اليمن.

الحرب ألقت بظلالها على مختلف شؤون الحياة في البلاد، بما في ذلك على قطاع التعليم، إذ تسببت في إغلاق 2500 مدرسة حتى الآن، وشردت آلاف الطلاب، والمدرسين، وفرضت أوضاعاً مأساوية على حياة السكان، بل وساهمت في إيجاد منافذ للتسرب من المدارس، وخلقت سوقاً لتجنيد الأطفال، إذ بلغ عدد الأطفال الذين تم تجنيدهم من قبل أطراف الصراع حوالي 2419 طفلاً على الأقل، وبلغ عدد الأطفال غير الملتحقين بالمدارس مليوني طفل ، بحسب تقارير منظمة اليونسيف، وهذا كله نتاج الحرب.

ما يحدث يضع بوادر مستقبل قاتم ينتظر جيلاً بأكمله من أبناء اليمن

أوجدت الحرب ظروفاً معيشية بالغة السوء على الأهالي، والطلاب، والمدرسين، فالأهالي باتوا عاجزين عن توفير مصاريف الدراسة لأطفالهم، والأطفال أجبرتهم الأوضاع الصعبة إلى التوقف عن الدراسة، وذهب بعضهم للبحث عن فرص عمل لمساعدة معيليهم على توفير تكاليف المعيشة، وبعضهم الآخر تم اصطياده من قبل أطراف الصراع ليتم تجنيده، وتقديمه كمشروع مليشياوي يحمل السلاح، يقاتل بلا هدف، أما بالنسبة للمدرسين فاضطُر غالبيتهم إلى البحث عن مصادر رزق بديلة، بعد أن انقطعت رواتبهم، فمنهم من ذهب للعمل كبائع متجول، ومنهم أصبح عربجي (حمّال) في محلات تجارية، من أجل توفير لقمة العيش لأسرهم، ومنهم من آثر الموت في منزله حفاظاً على عفته وكبريائه، كالأكاديمي الجامعي الدكتور عبدالغني الشرعبي، الذي توفي مساء السبت 22 سبتمبر 2018، متأثراً بالمرض، بعد عجزه عن توفير قيمة دواء السكر والضغط، في ظل انقطاع الراتب.

الأستاذ شوقي أحد أبناء مدينة حرض، اضطر إلى ترك مدينته بعد اشتعال الحرب فيها، ونزح صوب إحدى القرى المجاورة لمدينة عبس، بحثاَ عن الأمان لأسرته، يروي تفاصيلاً مريرة عايشها منذ اندلاع الحرب، يقول “بعد نزوحي مع أسرتي، وفقداني لمنزلي، ووظيفتي في حرض، وجدت نفسي في خيمة صغيرة في عبس، مع أطفالي وزوجتي، وأصبحت أعمل حمالاً هنا، من أجل أسرتي”.

ألقت الحرب بظلالها على مختلف شؤون الحياة في البلاد، بما في ذلك على قطاع التعليم، وشردت آلاف الطلاب، والمدرسين، وفرضت أوضاعاً مأساوية على حياة السكان.

بعد فترة وجيزة من انتشار الكوليرا في ساحل تهامة، كان طفلاه محمد وسعاد، ضمن ضحايا الوباء، وماتوا تباعاً.

يضيف شوقي، وهو يغالب دموعه: “وقفت عاجزاً أمام علاج محمد وسعاد من وباء الكوليرا. توقف الراتب وفقدنا كل مدخراتنا، ومع تهدم المنزل لم أعد أملك شيئاً”، ويتابع “أصبحت وحيداً جائعاً وعارياً أقف على هذه الكثبان أبكي مصائر من رحلوا وعجزي وفقري وهواني على الناس، كنت أعمل معلماً لمادة العلوم بمدرسة الوحدة، الآن كلما رأيت أحد طلابي النازحين مع أسرهم إلى مدينة عبس، أشعر بنظراته تجلدني بسياط الهوان والذل وهو يراني أعمل حمّالاً أمام المحال التجارية حتى أسد جزءاً من متطلبات الحياة”.

ليس حال شوقي مختلفاً عن الكثير من التربويين، والأكاديميين اليمنيين، فقد نالت منهم الظروف القاسية، وجعلتهم في مواجهة مستمرة مع الفقر، والعوز، ودفعتهم إلى غياهب الوجع.

ما يحدث يضع بوادر مستقبل قاتم ينتظر جيلاً بأكمله من أبناء اليمن، بسبب الحرب وآثارها من جهة، ومحدودية التعليم، وعدم القدرة على الحصول عليه من جهة أخرى، ولأن التعليم، ومستقبل أجيالنا لا يهم المتصارعين في شيء، هاهم يتجاهلون كل التقارير، والنداءات الإنسانية التي أطلقتها العديد من المنظمات الدولية، ومابرحوا يؤججون نيران الصراع، ويغولون في الأحقاد، وتمسكوا بالكرب كمنهج ووسيلة للحصول على مآربهم السياسية والشخصية على حساب الإنسانية، والمستقبل اليمني!.

 

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (1)