منذ أعوام يعيش اليمنيون وضعاً صعباً، وغير مستقر. وفي لحظات انهيار الدول، وغياب دور المؤسسات الرسمية، تحضر الأفكار المجتمعية، تجسيداً لمساندة الناس بعضهم بعضاً، وعاملاً يساعد على التخفيف من حدة الاحتياج لدى المواطنين.
“خير الناس للناس” مجموعة شبابية أنشئت على فيسبوك، ومنذ التأسيس حتى اللحظة وصل عدد أعضاء المجموعة نحو مائة ألف شخص موجودون في دائرة واحدة يتبادلون ويقدمون الخدمات باستمرار. هذا الكيان الافتراضي هو مجرد نموذج لعدة مجموعات متواجدة على مواقع التواصل الاجتماعي لها نفس الهدف وتظهر التكافل الاجتماعي في أبهى صوره.
ولادة الفكرة
بدأت فكرة إنشاء مجموعة عبر منشور في الفيس بوك اجتمع فيه مجموعة شباب يمنيين، وكانت المسؤولية الاجتماعية العالية هي دافعهم الوحيد. تقول رئام الأكحلي إن فكرة البوست الذي نشرته في صفحتها آنذاك، كان عبارة عن اقتراح لإنشاء مجموعة الهدف منها تقديم خدمة للآخرين.
وتضيف رئام لمنصتي 30: ردة الفعل الكبيرة لم أكن أتوقعها، تواصل معي الكثير، وأبدوا استعدادهم للتعاون والعمل معاً، وهذا يدل على روح الشباب اليمني المبادرة دوماً لتقديم شيء ما، وبحسب رئام، فإن “الفكرة لم تكن جديدة بقدر ما كانت محاكاة لجروبات عربية منتشرة بمحتوى مشابه”.
أهداف خير الناس للناس
كان دور فريق المجموعة فقط كوسيط ليس إلا، ومجرد جهة تنسيقية تتابع وتعمل على تسهيل وصول خدمة مجتمعية من المقدم إلى المتلقي، ولم يقبلوا تلقي أي دعم مادي أو عيني، رغم مبادرة بعضهم للتبرع لهم.
وتعددت الخدمات التي يحصل عليها الأشخاص من هذا الجروب، بين استشارات تخصصية، أو فرص توظيف، بالإضافة إلى دفع إيجارات، والحصول على شقق ومساعدات عينية ومادية، والأخيرة هي الأكثر تكراراً من غيرها.
جمال الصبري وهو ناشط شبابي وعضو فريق المجموعة وبطل شرق آسيا والوطن العربي في المصارعة، يقول:”نشعر بالسعادة، لأنه، خلال فترة قصيرة، وبسبب هذا الجروب، استفاد مئات الأشخاص إذا لم يكن الآلاف”.
دقائق قليلة في تصفح المنشورات، والتعليقات تكفي لصناعة تصور إيجابي عن مدى تعاون المجتمع مع بعضه، والاستعداد للعطاء الذي يبديه الآخرون مع أي فرد يحتاج شيئاً ما، بالإضافة إلى أنها تعطي انطباعاً عن المنفعة الكبيرة التي يحصل عليها عدد لا بأس به من الناس بسبب وجود هذا الجروب.
رئام الأكحلي والتي يعود لها فضل تأسيس الجروب، ترى إن هذا الكيان من الأفكار التي تفخر بها، وتشعر بالأسف أنها انشغلت في الفترة الأخيرة ولم تعد تشارك زملاءها العمل، بينما جمال الصبري الإداري في الجروب، يرى بأنه مهما كان منشغلاً إلا أنه يحاول التفرغ يومياً ولو ساعة واحدة، ويضيف: “أقوم انا وزملائي بقبول المنشورات التي لا تتوقف عن التدفق”.
تطوير الفكرة والعوائق
ظل العمل محصوراً على مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة، قبل أن تطرأ فكرة التطوير بأن لا يقتصر تقديم الخدمات افتراضيا، فبدؤوا بتطبيق ذلك واقعياً، لكن، سرعان ما وجدوا أن تأجيل هذا التوسع هو الأفضل. يشرح جمال الصبري ذلك: “لم يكن بالإمكان الاستمرار في العمل لعدة أسباب أولها أن العمل على الأرض يحتاج دعماً مادياً، وتكاليف كبيرة عكس العمل عبر فيسبوك، والذي لا يحتاج سوى جهد المجموعة، بالإضافة لأننا جهة غير رسمية وهذا يصعب علينا التحرك.
ويضيف الصبري إنه لا يمكنهم البقاء على المواقع الافتراضية للأبد، وأنهم يحلمون في تطوير المشروع أكثر والعمل على أرض الواقع، لكن سيكون ذلك في اللحظة المناسبة.
ويبقى لدى مجموعة “خير الناس للناس” طموح مشروع معزز بقاعدة عمل يمكن الارتكاز عليها، ومن شأنها أن تسهل الكثير بعد رسم ملامح للخدمة التي بإمكانهم تقديمها للمجتمع.
كما يبقى وجود هذا النوع من المجموعات، مهم للغاية، ليس لمساعدة الناس فحسب، بل لأنها تعكس طابعاً عن التعاون الاجتماعي، وتعطي ولو القليل من الطمأنينة لزوارها بوجود كيانات إيجابية في لحظة صراع مستمر منذ سنوات.
اريد ان انظم الى هكذا مبادرات تخدم البلد الحبيب