المرأة اليمن العادات التقاليد
article comment count is: 1

تحت عبء السياسة وعباءة المجتمع

المرأة في اليمن لا تجدُ في الواقع حتى نصف حقوقها، وإن حاول البعض التغنّي بها من باب مجاهرته بمناصرة قضاياها ودعمها؛ تماشياً مع التوجّه الدولي الداعي للمساواة بين الجنسين، ومثّل هذا انتزاعاً لاعترافٍ ظل حبيس العادات والتقاليد في مجتمع يُعرف غالبه بأنه ذكوريٌ، ولا يعترف بالمرأة إلا بما تحدده الأنماطُ والأدوار المرتبطة بها.

بذات القدر تتعامل القوى السياسية مع المرأة وفق خلفيتها التي نشأت عليها وجاءت منها، وهو ما توصلت إليه ورقةٌ بحثية للدكتورة نهال العولقي في سبتمبر 2015م.

صوت انتخابي

في الاستحقاقات الانتخابية تستنجد الأحزاب السياسية في اليمن بالمرأة، وتصبح لها أهميتها كصوتٍ انتخابي قد يصنع الفارق على مستوى دائرة الانتخاب، وتدرك الأحزاب الأهمية التي يشكلها الحضور النسائي في كل انتخاباتٍ تُجرى.

فمن بين نحو 8 ملايين مواطن سجّلوا في كشوفات الناخبين في آخر انتخابات برلمانية يمنية عام 2003 كانت هناك 3,4 مليون امرأة مقارنة بنحو مليوني امرأة رصدتها كشوفات سجل الناخبين خلال انتخابات عام97، وبهذا شكّلت المشاركة النسائية في عمليات القيد والتسجيل نحو 42% من إجمالي المسجلين في الكشوفات الانتخابية، بحسب تقرير للمعهد الديمقراطي NDI.

وتوصل التقرير إلى أن مشاركة المرأة في يوم الاقتراع بلغت 41% من إجمالي الأصوات، غير أن هذه الزيادة في مشاركة المرأة في مجمل العملية السياسية والديمقراطية لم تكن كافية لوصول ممثلاتٍ عنها إلى قُبة البرلمان، حيث تمكنت امرأة واحدة فقط من الوصول إلى سُدة البرلمان في انتخابات 2003 مقارنة بامرأتين تمكنتا من تحقيق هذا الهدف في انتخابات 1997، كما تقلّصت حصة المرأة في الوظائف العليا بالقدر ذاته.

ويرى الـ NDI أن اليمن لم تعد تلعب ذلك الدور الريادي على المستوى الإقليمي في دعم وتشجيع تولي المرأة للوظائف القيادية العامة سواء بالانتخابات أو التعيين.

ومن بين 3166 مرشحاً في انتخابات 93، كانت هناك 42 مرشحةً فقط، 18 منهن رُشحن من قِبل ثمانية أحزاب خاضوا الانتخابات، و20 مرشحةً من بين 1311 مرشحًا تقدّمن في انتخابات 97، وفي الانتخابات المحلية تقدمت 47 مرشحةً مقابل 10657 مرشحاً في المديريات، و 9 مرشحات في المحافظات مقابل 952 مرشحاً.

عطفاً على ما سبق ترى الصحفية منال قائد أن “الأحزاب تستغل النساء، وفي كل الأحوال أي حضور نسوي في إطار حزبٍ ما هو إضافة له وليس للمرأة، النساء اللواتي استفدن من تبعيتهن للأحزاب عددهن لا يكاد يُذكر”.

معضلة ذاتية

لم يتغير الحال كثيراً بُعيد عام 2011م، وظلت المرأة رهينة النظرة الاجتماعية، فالورقة البحثية للدكتورة نهال العولقي عضو مؤتمر الحوار الوطني حول دور النساء في التحول السياسي في الجمهورية اليمنية توصلت إلى أن أهم التحديات في وجه المشاركة الفاعلة للمرأة اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني تمثلت بعدم التزام كثير من الأحزاب والقوى السياسية المشاركة بحصة المرأة في قوائم ممثليها، حيث تراوحت النسبة الحقيقية للتمثيل في إطار تلك الأحزاب ما بين 15%  إلى 27%.

كما أن ضُعف التشبيك فيما بين النساء الحزبيات والنساء المستقلات حول قضايا المرأة جعل تلك القضايا مشتتة في محاور الحوار المختلفة؛ بفعل انصياع بعض الحزبيات لتوجيهات قياداتها حتى في المسائل التي تعارض حقوق المرأة، واعتبار قضايا النساء مسألة هامشية بالمقارنة مع القضايا الأخرى.

لا تغيير

رغم أن وثيقة الحوار الوطني في اليمن تضمنت مخرجاتٍ جوهرية بخصوص المرأة، كأن تلتزم الدولة بتمثيل المرأة بما يمكنها من المشاركة الفاعلة في الهيئات وسلطات الدولة والمجالس المنتخبة والمعيّنة بما لا يقل عن30% ، وتلتزم المكونات السياسية بترتيب قوائمها الانتخابية بما يضمن وصول 30% على الأقل من النساء للمجالس الانتخابية، ويكون ترتيب المرشحين والمرشحات في القوائم الانتخابية كالتالي: امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاثة مرشحين، ولا تقبل قوائم المكونات السياسية المخالفة لهذا القانون.

لكن بالنظر للاستحقاقات التالية، فإن تمثيل المرأة ظل على حاله مع تغيير طفيف على مستوى القرارات التمثيلية وبما لا يحقق ما تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار، وبقي الانتصار الوحيد هو أنه لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث تشارك المرأة اليمنية في إعداد دستور البلاد، ووصلت نسبة تمثيلها في لجنة صياغة الدستور ما يقارب 24%.

تذهب الدكتورة ألفت الدبعي، أستاذة علم الاجتماع بجامعة تعز وعضو مؤتمر الحوار إلى أن من الصعب حدوث تغيير اجتماعي وتحول جذري في حقوق المرأة إذا لم تتبنَ الأحزاب السياسية النضال المباشر والصريح في تمكين النساء وإطلاق برامج خاصة تعمل على تغيير وعي المجتمع تجاه قضاياهن.

ولن يصبح وصول المرأة إلى أماكن صنع القرار ظاهرة طبيعية في المجتمع إلا إذا تعاطت الأحزاب السياسية بمسؤولية وعملت على تمكين النساء من الأدنى للأعلى بخطط نضالية واضحة؛ والكلام هنا للدكتورة الدبعي.

ويبقى الرهان على المرأة كجزء حيوي من المجتمع اليمني بالنظر إلى إمكانياتها وقدراتها الحالية، ومحاولاتها المستمرة لصناعة السلام المجتمعي في وطن تُشكل النساء نصف سكانه.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (1)