المرأة قيود نفسية
article comment count is: 1

عندما تتعافى المرأة من قيودها النفسية!

تتقيد الكثير من النساء اليمنيات بما تمليه العادات والتقاليد الاجتماعية دون تكليف أنفسهن مجرد التفكير لإعادة النظر فيها بما لا يؤثر على حياتهن اليومية، ويتسبب لاحقًا في مضاعفات نفسية ذات أثر بعيد، تنعكس عليهن وعلى أسرهن ومحيطهن، نتيجة ما يلحق بهن من ممارسات وعنف مضاعف.

تبقى محاولات البعض منهن محط أنظار الأخريات، وهن يقدمن نماذج إيجابية لحالات كسرت القيود المفروضة، وخرجت عن النسق القسري؛ للوصول إلى المكانة التي تستحقها، في الطريق الصحيح للتغلب على ما يعيق تقدمها، ولتصبح قدوةً في مسار التعافي الحقيقي من الأزمات النفسية التي كادت أن تودي بمستقبلها، وهو ما نسلط الضوء عليه في هذه المادة؛ لنثبت مدى قوة وقدرة المرأة لإخراج نفسها مما هي فيه، فقط، تتخذ القرار المناسب، وتبدأ…

قرارٌ وإرادة

الطلاق في المجتمع اليمني بمثابة قرار إحالة المرأة إلى النهاية، ما لم تحظَ بمساندة أسرية، وتتجاوز صدمة نهاية علاقتها الزوجية، وهو ما أجادت شيماء العريقي التعامل معه بإرادة وحنكة، فالشابة التي وصلت مع شريكها إلى نهاية المسار، جعلت من ذلك بداية لانطلاقتها الحقيقية، كما تقول.

“تغلبتُ على الصدمة النفسية، وما لحق بي على إثر ذلك بأن جمعت قواي، وقررت أن أنطلق، أن أمارس ما يعزز صحتي النفسية، بعيداً عن العوائد المادية أو ما شابه”، تحكي العريقي لمنصتي 30 طريقة امتصاصها لصدمة الطلاق، وتضيف: “عملت من أجل الوصول للاستقرار النفسي؛ أردت أن أثبت للجميع أنني امرأة قادرة على تجاوز الصعوبات، وقبول التحدي، وإثبات كياني كامرأة ناجحة وقوية، أمارس حياتي الطبيعية بوجود الرجل أو عدم وجوده”.

الدخول في مواجهات مباشرة مع الزوج وأسرته حول الأطفال، والمعاملة الاجتماعية المختلفة للمرأة المطلقة، والصدمات النفسية المتتابعة نتيجة تحميلها مسؤولية فشل علاقتها الزوجية، كل هذا واجهته شيماء العريقي بقرار الخروج مما وصفته بالعباءة المفروضة، والتغلب على الملاحقة المستمرة، والنظرة الدونية التي يرقبها بها الجميع، “حاولتُ استيعاب ما يجري، ثم قررتُ مواجهته، وأصبحت ناجحة في حياتي المهنية، وقدوة للنساء اللواتي توقفت مسيرتهن الزوجية”.

لا استسلام

الوصم الاجتماعي، والملاحقة للمرأة كونها تحت الأنظار، ودائماً ما يقدم المجتمع اليمني نفسه وصياً حتى على خياراتها وتحركاتها، ويندر أن تجد من يتفهم حضورها ودورها والسعي نحو تمكينها وفق ما تتمتع به من قدرات بعيداً عن أنها امرأة، هذه معاناة مستفحلة، لا خلاص منها كما تقول الصحفية منال محمد، التي تحرز تقدماً إيجابياً للخلاص من حالة الاكتئاب الملازمة لها منذ سنوات.

تعيد منال ما يلحق بالمرأة اليمنية على المستوى النفسي إلى تراكماتٍ تخلقها العادات والتقاليد، وتقيدها بعض الأفكار الدينية، ما يعني انتكاساً وانهياراً للمرأة في كافة نواحي حياتها، وهو ما يجعلها عرضة للعديد من الأعراض النفسية، وينعكس ذلك على تعاملاتها حتى مع أطفالها الذين يتأثرون بشكل مباشر.

لا تستسلم منال لحالتها النفسية، إذ تهرع إلى ممارسة ما يعيد توازنها كالرياضة التي تعيد لها الفضل في تغلبها على الضغوط، إضافة إلى الأنشطة الثقافية والفنية كالرسم والموسيقى والقراءة، والأهم من ذلك أن تحصي تلك الممارسات لتستمر فيها، وتنصح منال النساء بأن يعطين أنفسهن مساحة للبقاء مع الآخرين؛ للحديث والضحك وصناعة التجارب، والتفكير بممارسات من الممكن القيام بها.

“إذا اضطررتِ للعلاج والذهاب إلى طبيب مختص لا تترددي، ليس معيباً، تحلِّ بالشجاعة الكافية لهزيمة واقعك بشتى الطرق”، إلى هذا توصلت منال من واقع تجربتها التي تصفها بالمريرة مع الاكتئاب المزمن، وقد أوشكت أن تعلن انتصارها عليه، كما تقول.

إشاراتٌ مهمّة

القدرة على مواجهة الضغوط المحيطة بالفرد وتحقيق الأهداف والمساهمة في بناء المجتمع من حوله، احتياج جوهري للتغلب على المضاعفات النفسية، وفقاً للدكتورة أنجيلا المعمري، أستاذ مساعد الصحة النفسية بجامعة تعز، التي تنصح المرأة باتباع بعض الآليات والممارسات للتخفيف والتخلص من الضغوط النفسية التي تتعرض لها، كتحديد مصدر الألم النفسي، واكتشاف المهارات والقدرات، ممارسة الأنشطة الرياضية التي من شأنها أن تخفف من مستوى الألم، وخلق بيئة داعمة وحاضنة نفسية من الأهل والأصدقاء والشبكات الداعمة، إضافة إلى طلب المساعدة من الشخص المتخصص.

وترى الدكتورة المعمري أن قصص النجاح لنساء استطعن السيطرة على وضعهن النفسي يجب أن تبرز على شكل فيديوهات، ولقاءات في منصات توعوية، وتعرض في مؤتمرات تهدف لتعزيز برامج وأنشطة الصحة النفسية.

وتعطي المرأة إشارات لتعافيها من خلال استعادة النشاط والقدرة على إدارة العمل، والعلاقات دون انتكاسات، وتغيير أسلوب التفكير والممارسات على المستوى الذاتي والاجتماعي، إضافة لمدى الإنجاز والتقدم في أي عمل أو نشاط تقوم به، ومدى التكيف والانسجام مع المحيط الخاص والعام، والثقة بالنفس، والعودة للحياة، وفقًا للدكتورة المعمري.

وتدعو المعمري إلى ضرورة إدراج وتعزيز برامج الصحة النفسية في المدارس والجامعات؛ لتأسيس هذا الجانب وبناء المعارف، وكسر الحاجز النفسي والمجتمعي، خاصة في المجتمعات التي تعاني من الصراعات والنزاعات المسلحة، بكل أشكالها، والمطالبة بوجود العيادة النفسية في مرافق العمل، وإتاحة المجال لتقديم خدمات المساندة النفسية لمن يحتاجها.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (1)