الابتزاز الإلكتروني الحلول الرقمية
article comment count is: 1

في الابتزاز الإلكتروني.. الحلول الرقمية وحدها لا تكفي!

كثر الحديث مؤخراً عن عمليات الابتزاز الإلكتروني التي تتعرض لها النساء خاصة في المجتمع اليمني، فحسب وسائل إعلام بلغت عدد حالات الابتزاز خلال ثلاث سنوات فقط 15 ألف حالة ابتزاز، وهو رقم كبير نظراً إلى طبيعة المجتمع اليمني، وثقافة العيب التي تحكمه، فإن هذا الرقم هو فقط لمن استطاعت أن تكسر حواجز المجتمع وتتحدث عن تعرضها للابتزاز، فيما هناك الكثيرات ممن يتكتمن على هكذا مواضيع خوفاً من نظرة المجتمع الذي ينصب مشانق العار لكل فتاة تعرضت للابتزاز باعتبارها دائماً هي المخطئة. 

وللحد من هذه الظاهرة يجب أن يكون هناك تظافر جهود لكافة مكونات المجتمع ابتداءً من الأسرة، والمدرسة، وانتهاءً بالجهات الأمنية، والقضائية. 

لهذا يقدم هذا المقال الدور الذي يفترض أن تقوم به الجهات المعنية للحد من الابتزاز الإلكتروني. 

  • الأسرة  

هناك ركائز وأدوار محددة لفئات معينة أو مؤسساتية لعل أولها هو دور الأسرة، فهي حجر الأساس الذي يجب البناء عليه لمواجهة الابتزاز، فيجب أن يعي الآباء والأمهات أن مثل هذه الأمور لا يكون مصدرها البنت فقط، فمع تقدم التكنولوجيا أصبح لدى المبتزين طرق وأساليب عديدة يستطيعون من خلالها اختراق جهاز الضحية وسحب الملفات، لذا فدور الأسرة مهم في تعزيز ثقة البنت بنفسها وبأن أسرتها ستقف معها عند تعرضها للابتزاز. سيعمل هذا على بناء الثقة لدى الفتيات عندما يجدن أن هناك تفهم داخل الأسرة، وهذا سيقطع الخيط الذي يستخدمه المبتز في تهديد الضحايا بأسرهن. وهناك الكثير من القضايا التي لعبت الأسرة دوراً كبيراً في مواجهة المبتز ووقفه عند حده. 

  • المجتمع  

دور المجتمع، من المهم أن يتخلى المجتمع عن النظرة القاصرة للنساء ووصم المرأة بالعيب، وأن ما يحدث منها أو لها هي دائماً المسؤولة عنه لأنها فقط امرأة.  نشر الوعي حول جرائم الابتزاز وتوعية المجتمع بمخاطره على الأسرة والمجتمع ككل، ونشر التوعية حول الاستخدام الآمن للإنترنت سيعزز من دور المجتمع في التصدي لهذه الجرائم الإلكترونية. 

  • المؤسسات التعليمية  

تلعب المؤسسات التعليمية دوراً مهماً في معالجة القضايا المجتمعية، فالتنشئة المجتمعية تبدأ من المدرسة والجامعة، لذلك من المهم أن يكون هناك برامج داخل هذه المؤسسات التعليمية، فالمدرسة بإمكانها أن تنظم حملات توعوية من خلال الإذاعات المدرسية والأنشطة المتنوعة للتعريف بالابتزاز الإلكتروني وطرق التصدي له، وزرع ثقافة لدى الأجيال في كيفية حماية أنفسهم من مخاطر الجرائم الالكترونية، وتضمين المناهج التعليمية الأساسية والثانوية مواداً عن الأمن الرقمي، كذلك الحال بالنسبة للجامعات والتي يجيب أن تحدث المقررات الدراسية لتواكب التطور التكنلوجي والتعريف بالقضايا والمشكلات التي أحدثها التطور التكنلوجي ومنها الابتزاز الإلكتروني لتجعل من هذا المقرر الزامي في كافة التخصصات الجامعية، كحال الثقافة الإسلامية فيجب أن يكون هناك ثقافة رقمية، أيضاً فتح المسارات الأكاديمية للتخصص النوعي في مجال الأمن الرقمي وتطوير المناهج في التخصصات ذات العلاقة لتتضمن مواد الأمن الرقمي، وكذا إنشاء مراكز البحوث والدراسات المتخصصة بالجرائم الإلكترونية التي تهتم بالأمن الرقمي، ودراسة تطور وسائل الجريمة الإلكترونية. 

  • دور العبادة 

وأيضاً لا ننسى دور خطباء المساجد في نشر الوعي حول الابتزاز الإلكتروني وعواقبه على المجتمع وتحذير الشباب من الانخراط في مثل هذه الأفعال التي تعد محرمة في الدين، بدلاً من توجيه الخطب والمحاضرات في التقليل من شأن النساء والدعوة إلى حرمانهن من امتلاك الأجهزة الحديثة واستخدام التكنلوجيا كما هو حاصل حالياً من كثير من الدعاة وخطباء المساجد، لذلك لابد من أن يكون لمكاتب الأوقاف والإرشاد دور في توجيه خطباء المساجد من عمل التوعية حول هذه الجرائم الالكترونية. 

  • المؤسسات الإعلامية 

يجب ألا ننسى أن للإعلام دور مهم في تناول القضايا المجتمعية، ومناقشتها وتقديم الحلول لها، وهو الدور الأساسي الذي يجب أن تنتهجه وسائل الإعلام وخاصة في نشر الوعي والحلول الرقمية. يجب على وسائل الإعلام تخصيص برامج لمناقشة الابتزاز الإلكتروني واستضافة خبراء لتقديم الإرشادات والحلول للحد من هذه الظاهرة. 

  • المؤسسات الأمنية 

عندما يغيب الأمن تكثر الجرائم، وهو واقع المؤسسات الأمنية للأسف في اليمن الذي يفتقر إلى المقومات الأساسية للتعامل مع قضايا أمنية شائكة كالابتزاز الالكتروني، لذلك من المهم أن يكون هناك وحدات خاصة في كل المراكز الأمنية للتحقيق في الجرائم الإلكترونية بما فيها الابتزاز الالكتروني، وتوظيف الخبرات التقنية في الجهات الأمنية وجهات التحقيق للتعامل مع الجرائم الإلكترونية بما فيها الابتزاز الالكتروني، وكذلك نشر أرقام خاصة للإبلاغ عن أي واقعة ابتزاز مع حماية خصوصية الضحايا، ونشر برامج توعية عبر منصات التواصل التابعة للجهات الأمنية وفي المدارس والتجمعات للتعريف بمخاطر الابتزاز الالكتروني. 

  • المؤسسات التشريعية 

ثم يأتي الدور على المشرع في تطوير القوانين لتواكب التطور التكنولوجي وذلك من خلال إصدار قانون خاص بالجرائم الإلكترونية يتناسب مع البيئة الاجتماعية والثقافية اليمنية ليكون مرجعاً قانونياً للتعامل مع الجرائم الناتجة عن التطور التكنولوجي. 

ولكي نحقق نجاحاً في الحد من جرائم الابتزاز الإلكتروني فنحن بحاجة لكل الجهود الرسمية والمجتمعية، بحاجة إلى توعية مجتمعية، وتطوير المناهج التعليمية، وبناء قدرات الأجهزة الأمنية والتشريعية والقضائية، وإيجاد قانون خاص بالجرائم الإلكترونية، فالحماية الرقمية وحدها لا تكفي لمواجهة الابتزاز الإلكتروني. 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (1)