الآثار النفسية ضحايا الابتزاز الإلكتروني
article comment count is: 3

تبعات الآثار النفسية على كاهل «ضحايا الابتزاز الإلكتروني»

“أعاني من الصداع المستمر، والآلام شديدة في المعدة والقولون، بسبب ارتفاع حدة التوتر والقلق، ناهيك عن فقدان كلي للشهية والوزن. هكذا وصفت  سميرة أحمد (اسم مستعار)  حالتها النفسية والصحية عقب تعرضها للابتزاز الإلكتروني.

وتتابع سميرة، “تعرضت لأرق شديد لازمني على مدى أشهر متتالية، وكلها تبعات ظهور الاكتئاب.

على غرار سميرة  تعاني  ميساء عبد المؤمن (اسم مستعار)،  من أعراض  مشابهة لسميرة، لكنها أضافت، أن الشعور بالوصم والذنب والخذلان، والعجز الدائم، سيطر عليها نتيجة الخوف من نظرة المجتمع القاهرة نحو ضحايا الابتزاز الإلكتروني الذي يرونها المذنب بكل الأحوال.

طفت قضية الابتزاز الإلكتروني في اليمن، على السطح، عقب قيام إحدى الضحايا بمحاولة الانتحار عندما عجزت عن الرضوخ والاستسلام لمطالب المبتز أكثر.

ونظراً لطبيعة المجتمع اليمني الذي لايزال تتحكم به النظرة القاصرة على المرأة، تظل وصمة العار والعيب ملازمة لضحايا الابتزاز اللاتي يقعن تحت يد مجرمين، دون الاكتراث بتبعات الآثار النفسية الناجمة عن الابتزاز على حياتهن على المدى القريب والبعيد.

آثار منتظرة

تقول الأخصائية النفسية شيماء العز لمنصتي 30 إن ضحية الابتزاز الالكتروني تصاب بصدمة نفسية، وتعد تبعات الصدمة النفسية الخطر القادم الذي يهدد حياتها عقب الانتهاء من القضية، وتظهر آثار الصدمة  خلال الاكتئاب المزمن والانطوائية وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين، واضطراب العلاقات الاجتماعية وتظهر عليها أعراض اضطراب مابعد الصدمة، كما أنها تشعر بالذنب واللوم الذاتي، وتزداد لديها منسوب العصبية والحساسية الزائدة والتوجس من كل شيء.

وفي هذا الجانب، ترى ابتهال الأغبري (مديرة مؤسسة المرأة الآمنة – مدربة ومستشارة نفسية) أن  الأضرار النفسية التي تلحق بضحية الابتزاز تختلف مستوياتها حسب ثقافة ووعي الضحية، فهناك البعض يتحول الابتزاز لديها إلى فوبيا شديد من المجتمع ومنها إلى اضطراب نفسي ويندرج تحته القلق والتوتر والاكتئاب والحزن والبكاء والانطواء الاجتماعي وقد يتطور في بعض الحالات إلى  الشعور بالقيء المفاجئ بسبب نوبات الذعر والتفكير بالانتحار.

تنتج هذه الأضرار  تحديداً عن شعور الضحية بالخوف من “الفضيحة” أمام أسرتها والمجتمع، فالتفكير الدائم والمستمر في عواقب الابتزاز على حياتها الشخصية والأسرية والمهنية، وتأثيره على علاقاته الاجتماعية، مع أصدقائه ومعارفه، يولد اضطرابات نفسية، تؤثر سلباً على تفاعله مع بيئته الاجتماعية على مستوى الأسرة، والعمل، وجماعة الأصدقاء. كما تضيف الأغبري.

الضحايا في مواجهة الآثار النفسية

عن كيفية تعامل الضحايا مع هذه الأعراض فتحدثت الأغبري  لمنصتي 30 قائلة إنه “من الأصل أن تلجأ الضحية إلى اختصاصي نفسي أو مستشار متمكن قبل كل شيء، ليرشدها إلى طريقة التخفيف من الاضطرابات النفسية أولاً، ثم التعامل مع المبتز ومع الأهل  ومع المجتمع.

وتنصح  في حديثها، الفتيات إلى ضرورة اللجوء إلى شخص قريب تثق به الضحية، أيضا إلى مختص بالأمن الرقمي لمساعدتهن في الوصول إلى هوية المبتز والتبليغ عنه ومن ثم تأمين حساباتهن، لافتة إلى أن هذه الخطوات من شأنها إعادة الأمان ولو تدريجياً إلى وجدان الفتيات.

تتابع “هذه الآليات تمثل استراتيجية الدعم النفسي الاجتماعي التي تتمثل مصادرها في الأسرة والأصدقاء ومؤسسات المجتمع المدني متمثلة بالمراكز النفسية والمساحات الآمنة”.

إحصائيات غائبة

تأسف الأغبري عن عدد الضحايا اللاتي يصلن لمؤسسة المرأة الآمنة التي تكاد لا تذكر (4 حالات فقط خلال شهر واحد ، بحسب قولها) بسبب أنها مؤسسة حديثة النشأة أولاً، ثم غياب الوعي لدى الفتيات بأهمية الصحة النفسية خاصة مع ازدياد حالات الابتزاز الالكتروني في أقسام الشرطة ثانياً.

من جانب آخر يقول مختار عبد المعز(متخصص بأمن المعلومات) لمنصتي 30 الذي يقود مبادرة شبابية بدأت عملها في عام 2020م وتضم أكثر من 300 متطوع بينهم متخصصين بالأمن الرقمي وأطباء نفسيين ومحامين وضباط وأفراد أمن متعاونين، أن إحصائيات الحالات التي تصلهم صعب رصدها بدقة بسبب عدم وجود مرصد يوثق ذلك مع حرصهم على الحفاظ على بيانات وخصوصيات الضحايا  ـ بيد أنه حدد عدد قضايا الابتزاز التي تصله يومياً في حدود 25 إلى 30 حالة من قضايا الابتزاز، وهو ما يعني  (750 إلى 900 حالة شهرياً).

كما أرفق تقرير أممي أعلنته هيئة الأمم المتحدة للمرأة إحصائية لنسبة النساء اللاتي تعرضن للعنف الرقمي في العام الأخير  بـ 62% في اليمن على وجه التحديد وأرجحن السبب بعدم إبلاغها بالعنف الذي تعرضن له إلى ثقتهن بأن الإبلاغ لن يُحدث فرقاً.

مؤسسة المرأة الآمنة.. مساحة آمنة للضحايا

تعتبر مؤسسة المرآة الآمنة، المؤسسة الأولى في تعز  التي تقدم الخدمات الاستشارية النفسية والتربوية والزوجية بحسب تصريح ابتهال الأغبري (مديرة المؤسسة)، يضاف إلى ذلك فهي تقدم دورات تدريبية متخصصة برفع الوعي للنساء النفسية والتربوية تجاه القضايا الطارئة في المجتمع كالابتزاز الالكتروني والتنمر الإلكتروني ـ وتضم نخبة من الأخصائيات النفسيات والاجتماعيات .

وتقدم المؤسسة الدعم النفسي عبر عدة أشكال، مثل دعم التقدير، الدعم بالمعلومات، الصحة الاجتماعية، والدعم الإجرائي.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (3)

  1. تلك المواقف تترك خلفها نساء منهارات فلا بد من جلسات الدعم النفسي الذي يخفف الاعراض المرضية التي يصبن بها من معدة… عدة جلسات كفيله بإخراج المرأة من التأزم النفسي وتعود قوية تنبذ مثل تلك ظاهرة وتساعد غيرها بالتثقيف تتلاشى أصحاب القلوب المريضة.