حمائم السلام
حمائم السلام | بريشة هيفاء محمد.
article comment count is: 1

عن حمائم السلام!

لم يكن النجاح احتكاراً على الرجال فقط بل تعدى الأمر إلى النساء في الوساطة المجتمعية إلا أن الأمر لم يسلط عليه الضوء سابقاً، فقد كانت النساء منذ زمن بعيد تمارس هذا الدور وبشجاعة وبقلب كبير ومهاراتها في الوساطة المجتمعية تشهد لها ذلك، فهي القادرة على تحديد الاحتياجات الإنسانية والمجتمعية بدقة، والتي تساهم في التخفيف من وتيرة النزاعات في المجتمع الواحد، وهي المقبولة مجتمعياً لدخول كل بيت ومرحب بهافي كل بيت تدخله، وكذلك لديها سرعة إنجاز دقيق  لكل الأمور التي تراها مناسبة في حل النزاعات، غير مسوفة للأمور التي وإن أجلت لعززت من النزاعات وعمقتها، لا تقبل الأموال وترفض الرشاوي لإيمانها بأهمية العمل القيادي والإنساني والمجتمعي، وقدرتها على الاتصال والتواصل وقوة الإقناع، وإيمانها بالعمل التطوعي..
كل هذه الإيجابيات هي شهادة المجتمع لوساطة المرأة مجتمعياً.. يعزز هذه الإيجابيات كلام “ياسمين عباس“، إحدى أفراد الشرطة النسائية في أمن جامعة تعز والتي تعمل في مجال الوساطة المجتمعية على مستوى جامعتها وحيها الذي تسكن فيه، حين وصفت ما جعلها تسلك هذا الطريق هو “أنها تشعر براحة تامة عندما تمارس طقوس الوساطة المجتمعية وتغمرها السعادة عندما تجد حلول مشتركة ترضي جميع الأطراف لتوصل لسلام دائم”.

ياسمين التي أصبح جيرانها ليلاً يدقون بابها بحثاً عن السلام باتت تتدخل لحل مشكلة بين الذكور في العائلة الواحدة التي تتعالى أصواتهم نزاعاً في العمارة السكنية وهذا بحد ذاته يعد نجاح واضح للمرأة الوسيطة.

الحجة منى علي” نموذج آخر، وهي ربة بيت يستدعيها الناس في أغلب الأوقات للتوسط لحل مشاكلهم العائلية والأسرية والمجتمعية لثقتهم بحكمتها، تؤكد وساطات منى أن المرأة اليمنية تتمتع برجاحة عقل يمكنها من حلحلة المشاكل وخلق الحلول، أضف إلى ذلك أنها تُسعد بالعمل الخيري والتطوعي الذي لا يخالطه شك ولا ريب ولا تبتغي من هذا العمل جزاء أو شكُوراً وإنما عملها في الوساطة المجتمعية خالص لوجه الله.

وهذا ما لاح لي في أحد الأيام القريبة حينما كنت معها في إحدى المتنزهات وفجأة حدثت مشادة كلامية بين أمن المتنزه ومجموعة من الشباب الموجودين في المنتزه، فترجلت الحجة منى علي لتنظر في المشكلة وحلها وقد رضخوا جميعاً لها وكأنها ملاك أُرسل إليهم ليحل مشكلتهم.

مثلها “سحر أمين” إحدى الشرطيات في أمن جامعة تعز والتي تمارس الوساطة المجتمعية في الجامعة وتؤمن أنها فرض واجب على كل فرد في المجتمع ذكر كان أم أنثى كبير أو صغير لأنها تعتبر من باب تخفيف كربة عن مسلم، وتوصي بضرورة دخول مهارات الوساطة المجتمعية في تنشئة الأبناء حتى يتمكنوا من حل مشاكلهم مستقبلاً ومساعدة الآخرين في ذلك.

سحر والحجة منى وقبلها ياسمين يتمتعن بالكثير من المهارات والأساليب التي صنعت منهن وسيطات ناجحات وكسبن بها ثقة من حولهن كالإصغاء واختيار طريقة التواصل الصحية والتحدث بوضوح والاحترام المتبادل وتقبل الآراء والتواصل الغير لفظي واختيار الوقت المناسب والصبر الطويل.

كل هذه النماذج الإيجابية والمُلهمة تؤكد أنه من الواجب إشراك المرأة اليمنية في بناء السلام وفض النزاعات لما لها من مكانة مجتمعية بين الناس، أضف إلى ذلك التجارب الدولية الناجحة لنساء يمنيات في الوساطة المجتمعية تعتبر مؤشراً على حنكة المرأة اليمنية وخبراتها الأزلية في ممارسة الوساطة المجتمعية.

 

  •  هذا المقال أحد المقالات المرشحة ضمن “القائمة القصيرة” في مسابقة “مقالة الرأي” ضمن أنشطة حملة “الوساطة المجتمعية للمرأة” التي نظمتها منصتي 30.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (1)