نساء نزاع إصلاح طريق
article comment count is: 0

5 نساء قمن بحل نزاع وإصلاح طريق ظل مغلقاً 10 سنوات!

تمكنت خمس نساء في مدينة تعز جنوب غرب البلاد من حل نزاع استمر 10 سنوات في منطقتهن وأعاق إصلاح وتوسعة طريق قرية “المديهين” التابعة لمديرية صالة شرقي المحافظة، كما أوقف حركة السير وفاقم معاناة سكان المنطقة والتي يعدها قاطنوها منسية وبعيدة عن اهتمام السلطات المحلية.

لم يكن فض النزاع بين بعض الأهالي حول ممتلكاتهم المحاذية للطريق وإقناعهم بالتنازل عنها لصالحها بدلاً من السطو على أجزاء منها وعرقلة أي توجهات لتأهيلها وجعلها سالكة بالأمر الهين إذ تطلب الأمر سلسلة من الجهود والتحركات التي دشنت العام 2017 وتوجت منتصف العام 2023 بتوقيع  صلح بين المتنازعين وتدشين أعمال شق ورص  الطريق.

تيسير عقلان ضابط بناء قدرات فريق مركز بصمة صالة المجتمعي في مشروع مجتمعات فاعلة وواحدة من بين خمس نساء، هن ضمن فريق المركز والذي أسهمت في تأسيسه، ويضم إلى جانبهن 5 رجال، تذكر تيسير لمنصتي 30 “تألف مركز بصمة صالة المجتمعي من 5 رجال و 5 نساء، هن أنا ونسيم محمد وعصماء محمد وكافية عبدالله و وسيلة عبداللطيف، وجميعنا من نفس المنطقة، والأخيرة نائبة رئيس المركز صلاح محمد”.

وتضيف: “الطريق لم تكن مغلقة، ولكن كانت وعرة وضيقة ما جعل التنقل عبرها شاقاً بالنسبة للسكان وخصوصاً النساء”، كما عزت ذلك إلى رفض الأهالي التنازل عن أي شبر لتوسعة الطريق و تنازعهم عليها لضمها إلى املاكهم.

معاناة عمرها عقد من الزمن

نشب النزاع حول طريق قرية “المديهين” التابعة لمديرية صالة في العام 2012 كما يقول الأهالي لمنصتي 30 وألحق بهم أضرار متعددة أبرزها مشقة التنقل، والحرمان من أبسط الخدمات كالتعليم والصحة والمياه.

يقول صلاح الوجيه لمنصتي 30: “مات على يدي العديد من الأشخاص أثناء نقلهم إلى المستشفى” فيما تذكر تيسير عقلان معظم الأمهات الحوامل تتعسر ولادتهن ويعجزن عن الوصول للمراكز الصحية، كما أن غالبية الفتيات لم يكملن تعليمهن للسبب ذاته وهذا ما دفعنا نحو التحرك لحل النزاع.

بدأت أنظار النساء الخمس تتوجه نحو النزاع عندما دشن مشروع مجتمعات فاعلة في دورات كتابة المشاريع والوساطة وحل النزاعات وبناء السلام.

وشرعن في النزول الميداني للتعرف على أبرز النزاعات وأسبابها، ومن هنا جاء اختيار الطريق في منطقتي الحجاجة والمرقب لكثرة النزاع على عدة أمتار بين اثنين من ملاك الأراضي.

وتتابع: “جاء دور النساء واللواتي قمن  بكتابة مقترح التدخل وتحديد الأنشطة اللازمة لتنفيذ المبادرة و تنظيم ندوات توعوية لنساء المنطقة حول أهمية حل النزاعات والإسهام في بناء السلام”.

وقام الفريق بعقد لقاء ضم أطراف النزاع وأهل المنطقة والشخصيات الاعتبارية للتوقيع على الصلح وكتابة وثيقة التنازل عقب إقناع طرفي النزاع بضرورة وأهمية فعل ذلك، وقامت إحدى النساء الخمس بإقناع زوجها كونه أحد المتنازعين، وتوضح نسيم محمد لمنصتي 30: “أقنعت زوجي بالتنازل عن ممتلكاته المحاذية للطريق لصالح توسعتها والتخفيف من معاناة السكان وتسهيل وصول الخدمات، ولكي يستفيد أولادنا مستقبلاً”.

وشاركت النساء الخمس نساء المنطقة وأطفالها ورجالها في عملية رصف الطريق، وتوفير الأحجار الصغيرة وجلب المياه ورش الأسمنت وتوفير الوجبات الغذائية للمتطوعين في إصلاح الطريق كما تقول عضو الفريق كافيه عبدالله لمنصتي 30.

تحدي

واجهن صعوبات عدة، بدأت بتأسيس مركز بصمة صالة المجتمعي ورفض الأهالي الانخراط فيه وإقناع الآخرين بضرورة المشاركة فضلاً عن صعوبة التوثيق، واقترحن حلول للنزاع، تضمنت تنازل كل طرف بمتر من أرضه لصالح توسعة الطريق وتطوع أهالي القرية بالأحجار الصالحة للرصف و العمل دون مقابل في إصلاح الطريق.

وعقد فريق مركز بصمة صاله لقاءات منفردة مع طرفي النزاع وناقش معهما ضرورة إنهاء النزاع والتنازل بجزء من الأرض التي يملكها لصالح توسعة الطريق ورصفها وتنيظم ندوات توعوية للرجال في المنطقة حسب أعضاء الفريق.

ونظم لقاء رسمي للصلح وكتابة وثيقة التنازل بحضور كاتب عدل وممثلين عن السلطة المحلية والأجهزة الأمنية وتم صياغة وثيقة الصلح بشكل نهائي والتوقيع عليها مع التنازل في 5 يونيو العام 2023 بحضور الأهالي وعقال المنطقة وقائد المنطقة العسكرية وشهد على ذلك عدد من المواطنين إلى جانب النساء الخمس كما تم تعميد الوثائق من قبل قسم الشرطة وتوثيقها رسمياً.

محطات

وانتقل الفريق إلى الخطوة  التالية وهي توسعة ورصف الطريق وتحديد ملامحه ووضع جدران كحدود لأراضي المتنازعين وأخرى لحماية الطريق من السيول وهي تدابير رأت فيها النساء الخمس ضرورية لإنجاح الصلح واستدامته كما ذكرت إحداهن لمنصتي 30.

ودشن مدير عام مديرية صالة مشروع إصلاح الطريق في 25 يونيو الماضي، وبذلك تمكنت النساء الخمس من طي صفحة النزاع الذي استمر لعقد كامل لم يشهد أي مبادرات مشابهة للحل.

وترجع عصماء محمد (إحدى النساء الخمس) لمنصتي 30 نجاح المبادرة  إلى كونها جاءت عقب حملات توعية كما أن الحل مقنع من ناحية، ومفيد من ناحية أخرى حيث تم تمويل وتنفيذ عملية توسعة ورصف الطريق من قبل مركز بصمة صالة المجتمعي، ومنظمات ومساهمات مجتمعية.

وجرت عملية إصلاح الطريق على مرحلتين، الأولى في منطقة المرقب بطول 50 متر، و الثانية في منطقة الحجاجة بطول 80 متر كما جرى تنفيذ 130 متر بدعم منظمة نودس يمن و 120 متر بدعم المركز السويدي ولم يتبقى سوى جزء وعر بطول 60 متر ويحتاج للتمهيد والرصف.

ويوضح صلاح محمد الوجيه، عاقل قرية المديهين لمنصتي 30: الطريق طويل ودائري وطوله 3 كيلو متر تقريباً ويربط مديريتي صالة وصبر و عزلتي الجران وتباشعة ومناطق أخرى كما يمر بثعبات وحسنات والداحنة والمديهين والمشخف والحجاجة والصرمين وأبعر وصولاً إلى نقيل الابل على الخط الرابط بين تعز ولحج سابقاً، وبالإمكان أن يكون طريق بديلة إلى الحوبان شرقي المدينة.

يضيف الوجيه، لم يكن هناك طريق سالك من قبل، وقد قامت النساء الخمس بتحفيز إخوانهن وأزواجهن، وبذلن جهود جبارة لإنهاء النزاع وإصلاح الطريق والذي يعد شريان وحيد لنقل الغذاء والمياه و احتياجات أهالي المنطقة والمناطق المجاورة وسيخفف من معاناة الأهالي.

ويضع الطريق حد للصعوبات التي اعترضتهم سابقاً بما فيها التنقل والعودة إلى منازلهم وإصلاحها ووصول الأطفال إلى المدارس الآمنة ووصول وسائل الإعلام والمسؤولين والمنظمات إلى المنطقة ومدها بالمشاريع التنموية والخدمية والصحية والإنسانية، ولذلك استبشر الأهالي بهذا الإنجاز.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً