تفجير قرب مبنى الخارجية عدن ANP
article comment count is: 0

ضحية.. ومشتبه به!

عمر باطويل أصغر شهيد كلمة عربي، ضحية أفكار التكفير والدفاع عن الدين ضد أي كلمة، ولو كانت شكاً، والمشتبه به (صديقه الذي دعاه قبل نصف ساعة من مقتله للعشاء). ضحية رحل قبل أن يتم عقده الثاني، والمشتبه به ما زال قيد الاعتقال للتحقيق، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكنه قيد التحقيق وهذا هو الطبيعي.

في المجتمعات الطبيعية، يفزّ المجتمع مفزوعاً ومناصراً للضحية، يقف ضد كل الأفكار المتطرفة والعمليات الإرهابية، ويدع القانون يأخذ مجراه مع كل من يشتبه به، حفاظاً على الأمن.

في المجتمعات المخيفة، يبرّر للجريمة بأفكار الدفاع عن الدين، ونصوص مقدسة تسرد لك كي تصمت عن حق الضحية، وعن الجريمة التي تم ارتكابها، تبريراً يجعل القاتل فخوراً بجريمته، ومستعداً لتكرارها، وفي ذات المجتمع يقف قطاع منه مندداً باعتقال المشتبه به للتحقيق، وهو الذي لم يحرك ساكناً للدم الذي سال قبل أيام .

المشتبه به والمجتمع

زيارة واحدة لصفحة المشتبه به كافية بإرهابك، كمٌّ هائل من الأفكار المتطرفة، ترويج لأعمال أخطر الجماعات الإرهابية (داعش)، مبايعة لخليفة التنظيم بعد مباركة كل أعماله، تشريع وتأصيل لأعمال الذبح والحرق والتفجير..

والمخيف أكثر حجم أصدقائه المؤيدين لأفكاره، والمتأثرين به، شباب في مقتبل العمر، يعيشون بيننا، يحضرون الأعراس والفعاليات المجتمعية حاملين هكذا أفكار، فعلاً مجتمع مخيف ..

مجتمع مخيف ذلك الذي يؤيد هكذا أفكار، مجتمع مخيف من يخرسك عن قول الحق في وجه المتطرف، لأنه يمثل الله في نظره، مجتمع مخيف يبرّر كل جريمة ويصفق لفاعلها.

ماذا أصابنا؟؟ .. تتغلغل فينا أفكار الموت والإرهاب يوماً بعد يوم، نمتص هذه الأفكار بكل سلاسة، خطاب كنت تسمعه من متحدث في مسجد مشهور بالتطرف، أو في مواقع الجماعات الإرهابية، أصبحت تسمعه من شباب يمارس الحياة بكل أنشطتها العادية..

هذا ما زرعنا

أكررها دائماً، هذا ما زرعنا، هذا الثمر من ذلك البذر القديم، لم نغرس في ماضينا إلا أفكار التطرف، وقصص المعارك والقتل، لم نسمع هذا الجيل إلا خطب الجهاد والفتوحات، فماذا نريد من ثمار غير هذه؟!

هذا ما زرعنا في السابق، وما يبدوا أنّا مستمرون في زراعته وغرسه في هذا الجيل بكل غباء، وإلا ما كل هذا التبرير للجماعات الإرهابية؟ وما هذا الاستغباء في استخدام نفس الأدوات التي أوصلتنا لهذه النتائج؟

مستمرون ما دام رجال الدين يمارسون هوايتهم المفضلة (تغييب العقل ومحاربته)، فمع كل محاولة جمعية للتفكير، يسارعون في خلق قضية، يروجونها بكل قوة لإثارة العاطفة حولها، آيات، أحاديث، فتاوى، خطب ومناصرون، يثورون حولك لتنشغل بما يروجون، وهكذا كلما أراد العقل أن يفيق أدخلوه في دوامة جديدة.

مستمرون ما دام رجل الدين يملك آلاف من المناصرين، من يأخذون توجيهاته وكلماته بلا تفكير أو تحليل لموافقتها للحقيقة والواقع، وما دام عامة الناس مستعدون للدفاع عن أمور تم تحويلها إلى مقدسة مع مرور الأيام. كم نحتاج من الجهد لتفعيل العقل العربي، علّنا نلمس النتائج قبل مماتنا، أو نورثها لجيل قادم.

 

* مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي “منصتي 30”.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً