طفل يمني ينظر من أنقاض بيتهم ANP
article comment count is: 0

الثوار في الجنة.. اللصوص في السلطة!

يمضي ساعات طويلة للتفاعل على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” لينشر (اللعنة على من سرق ثورتنا واللعنة على الأحزاب كلها) وهكذا يؤمن صديقي بأنه كان ثائرا ولايزال، وأن هناك مؤامرة سيكتشفها عما قريب..

حلم الثورة يلاحق الشباب أمثال صديقي الذي كان ثائرا وتحول إلى (مفسبك)، فقد انضم مع طليعة الشباب الذين توافدوا إلى ساحة التغيير في 2011، لكن الأماني التي خرجوا لأجلها لم يتخلصوا من أعباء حملها حتى اليوم.

بعد حملات التعبئة الإعلامية لترسيخ مفهوم الثورة وضرورة النضال الوطني من زاوية ضيقة كانت تحثهم على الانضمام إلى ساحة التغيير، فتدفق الشباب “بصدور عارية” للاحتجاجات أملا بتلبية مطالبهم كما وعدهم بها اللصوص.

هل الثورة التي قالوا إنها “ثورة على كل من سرق” قد عرفتكم من هم اللصوص الحقيقين؟

وفي غضون وقت قياسي استطاعت الأحزاب السيطرة على ساحة التغيير وصناعة القرار فيها، متخذين من حماسة الشباب وسيلة للتصعيد كورقة تشكل ضغوطا على نظام صالح، أو بالأحرى صالح شخصيا، لأجل الحصول على منافذ للسلطة، فيما بقي هؤلاء الشباب أداة لتمرير أجندة الأحزاب الخاصة التي أوهمت هذه الشريحة أن ثمة قاسما مشتركا يجمعهم عند تلبية المطالب للقضايا العادلة، كالبطالة وحقوق المواطنة المتساوية.

وبعد 39 يوماً  من اندلاع ما أسموها بثورة 11 فبراير، وزع على الشباب تي شرت وقبعة كتب عليها “ثورة الشباب السلمية” تزامنا مع ما أسموها “جمعة الكرامة”.

تجهز الشباب بعد صلاة الجمعة في مسيرة يقودها من الخلف موجهين حزبيين يلقون التعليمات على الشباب، ليصعد اثنين على أكتاف رفاقهم يصرخون بما قال لهم الموجهون فاندفع الشباب للأمام، غير أن هناك من رفض هذه الشعارات ولكنه اعتزم على استكمال المسيرة لأن هناك قاسم مشترك سيجمعهم بعد الانتهاء.

كانت ملامح الشباب وأيديهم المرفوعة توحي لك بأن هناك ثورة حقيقة بداخلهم لا تشابه ما يحيط بهم.. ارتمى شابان أرضاً وتداخل المحتشدون ببعضهم البعض خوفاً من رصاصة طائشة أو مقصودة، أصبح المشهد شبيها بعملية كر وفر وسط قنابل مسيلة للدموع ورصاصات مطاطية لا يعلم أحد من أين مصدرها. ارتمى العديد من الشباب المستبسلين في حضن الشارع على بطونهم المنخورة ورؤوسهم التي فقد الكثير نصفها، وكان هناك من يختبئ في الأزقة صارخا بالمتظاهرين لتشجيعهم على الهجوم وعدم التراجع إلى الخلف. غير أن رصاصة القناصين تنتقي أكثرهم شجاعة وحماسا للتقدم. دماء سالت على الطريق، اعقبتها تصريحات انهالت على وسائل الإعلام من مسؤولي الأحزاب باسم الشباب.. علقت صور شهداء جمعة الكرامة في ساحة التغيير ودب الحزن من هول هذه الفاجعة، فيما الابتسامات الخفية الممزوجة بحزن كاذب وجدت طريقها إلى قادة الأحزاب المنظمة للثورة استبشارا بأوراق ضغط جديدة، للمضاربة على أكبر صفقة ستربحها ما سميت بثورة 11 من دماء البسطاء، فخفتت أصوات الشباب لتعلو أصوات الأحزاب التي أصبحت المحاور والمتحدث دون أن يكون هناك صوت يمثل الشباب.

وفي النهاية انتهى هذا الصخب الثوري إلى قصاصة اتفاق سياسي صعدت من خلاله الأحزاب إلى السلطة على طريق رصف بجثامين الشباب الذين  لم يتبق من ضجيجهم سوى صور لشهداء ظلت تراقب تهاوي ساحات التغيير. فيما الشباب المستمرون بنضالهم داخلها تفاجأوا  بعدها أن ذات الأحزاب قد وجهت بإخلاء الساحات على من فيها لعدم جدواها في مسار مصالحهم الشخصية.

فهل الثورة التي قالوا إنها “ثورة على كل من سرق” قد عرفتكم من هم اللصوص الحقيقين؟

 

* مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تُعبّر بالضرورة عن رأي “منصتي 30”.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً