ويطلق يمنيون على شريحة المهمشين التي ينتمي إليها محمود لقب “الأخدام”، لكن انتماء محمود إليهم لم يزرع اليأس داخله.
يقول محمود: “المرحلة التي عشتها خلال فترة دراستي، هي أصعب مرحلة يمكن لشاب من المهمشين أن يتعداها، فهي مرحلة الجهاد من أجل الحرية”.
معاناة تنظيف الحمامات
خلال فترات التعليم الثلاث الأساسية والثانوية والجامعية، استطاع محمود أن ينجز ما لم ينجزه الكثيرون.
يقول محمود لـ”منصتي 30″ إن معلمين وتلاميذ كانوا يصفونه بـ”الخادم” وبألفاظ عنصرية كانت تقع على سمعه كالسيوف. ويحكي أن مدرسين “كانوا يعزلون الطلاب السود في مؤخرة الفصل، ولا يسمحون للطلاب الآخرين بالجلوس جوارهم بحجة أنهم غير نظاف. وإذا حدث خلاف بين طالب أسود وأبيض، فإن إدارة المدرسة تعاقب الأسود بتنظيف الحمامات”. ويقول محمود إن “هذا هو السبب الرئيسي لنفور الطلاب المهمشين من متابعة التعليم وإصابتهم بعقدة نفسية”.
دخل محمود مرحلتي التعليم الإعدادي والثانوي متسلحاً بسلاح الصبر والطموح، وبدأت أسرته تضغط عليه لترك الدراسة والبحث عن عمل لعجزهم عن تغطية تكاليف تعليمه.
استطاع الحصول على عمل كحارس أمن نظير مبلغ بسيط من المال يغطي جزءا من مصاريف دراسته. بعد رسوبه في امتحان الثانوية للمرة الأولى انخرط في العمل المجتمعي. في الأثناء تعرف على أصدقاء من عشيرته استطاعوا أن يعملوا على إشعال روح النضال فيه على مواصلة المشوار حتى الجامعة، فالتحق بكلية التجارة في جامعة صنعاء.
من التعليم إلى التغيير
خلال فترة التعليم الجامعي، كان محمود يقود فريقا شبابيا متطوعا يعمل على تثقيف عدد كبير من الشباب، وخاصة الحاصلين على شهادة الثانوية العامة وتشجيعهم على الالتحاق بالتعليم الجامعي عبر مقاعد مجانية استطاع اتحاد المهمشين اليمنيين تخصيصها لهم في الجامعة.
يقول محمود: “كنت في إحدى المحاضرات في الجامعة أناقش مع زملائي قضية المواطنة والتمييز العنصري، فسمعنا الدكتور المحاضر يقول: أتحدى أي شخص أن يعطيني مهمشا يدرس في إحدى الجامعات اليمنية، فانتفضت في وجه الدكتور قائلا: أنا أحد المهمشين، وأنا أمامك ومن تلاميذك، والذين خارج مراكز التعليم من المهمشين أنتم السبب في هروبهم من التعليم”.
كان لهذه الحادثة تأثير إيجابي داخل مشاعر محمود، فاستطاع من خلال فريقه المتطوع تشجيع عدد كبير من شباب المهمشين على الالتحاق بالتعليم الجامعي. ويوجد حالياً 125 طالبا وطالبة من المهمشين في كليات جامعة صنعاء.
يقول محمود: “مجتمعنا المحلي يرى فينا فئة محكوم عليها بالخذلان والعبودية مدى الحياة، ولكن وضعيتنا الراهنة تعتبر موروثا اجتماعيا نحن من سيعمل على إزالته وبناء مجتمع يتساوى فيه الجميع”.