يبث طالب جامعي شاب منذ العام 2013 مقطوعات موسيقية ووصلات غنائية كلاسيكية نادرة أو منسية بلون التراث الفني لمدينة عدن، جنوب اليمن، على قناة أنشأها على منتدى الفيديو ‘يوتيوب’.
ولم يعاصر الشاب محمد خالد فريد كثيراً ممن يقوم بنقل وصلاتهم إلى شبكة الإنترنت، ومعظم هؤلاء المطربين توفوا منذ زمن بعيد، ولم يلتقِ بهم قط.
لكن فريد يقول إنه سيواصل رفع هذه الكلاسيكيات وتزويد متابعي القناة بالتراث الموسيقي لمدينة عدن عبر خدمات طوعية يقوم بها منفرداً. وبالرغم من قيام آخرين بسرقة جهوده إلا أنه يؤكد أنه لا ينوي ملاحقتهم: ‘هدفي هو نشر كلاسيكيات عدن، هم في الأخير يسعون معي للهدف نفسه’.
وفي نهاية مارس من العام 2014، تكمل القناة التي تحمل اسم ‘عدن فينتيج‘ عامها الأول، ويقول منشِئُها إنه ينوي أن يصل عدد المواد المتاحة مجاناً على القناة، بنهاية الشهر القادم، إلى 2000 مادة موسيقية، وهذا يعني أنه سيسعى لرفع 900 مادة موسيقية خلال الفترة المتبقية من العام.
عرفان
ويؤكد منشئ القناة أن ‘الفكرة تتمحور حول إعادة إحياء المخزون التراثي الهائل الموجود في عدن، انطلاقاً من الأغنية العدنية مروراً بالأفلام العتيقة والمسرح والمنولوج، وغير ذلك من الفنون التي كانت عدن الرائدة فيها في منطقة شبه الجزيرة العربية’.
ويمكن لزائر القناة على يوتيوب أن يسمع موسيقى هادئة تنبعث إلى جوار عبارة تعريفية تقول: ‘تنسكب حروفنا و تتناسق على إيقاعها الجهود، فلا توفيها من الحب والاعتزاز مستحقها، وأي البر يكفي جزاء لأم محسنة ومعطاءة كعدن، جنتنا الفقيرة، الدافئة على مر الظروف، أيقونة التحضر، فتيل المدنية الأول في محيطها المتأخر، والقبس الذي استوحت منه الدنيا تفاصيل البساطة، الجذابة، الأخاذة والسخية حتى في أتعس الأحوال، ومثال منها اليوم حالنا المأزوم هذا بفعل التهميش والجوع، الباغيين على كل متنفس للثقافة والإبداع، إذن أنهكت عدننا، لكنها تأبى الأفول’.
واشتهرت عدن بأنها احتضنت أول الأنشطة الثقافية في منطقة شبه الجزيرة العربية، وعرفت ألوان الفنون، قبل أن تمتد إلى باقي شبه الجزيرة العربية.
احتياطي موسيقي
ويقول فريد لـ’منصتي 30‘: ‘في بادئ الأمر، اقتصر أرشيف القناة على 595 أغنية فقطن وكان طموحي وقتها هو إعادة نشر تلك الأغاني في الوسط المجتمعي أولاً وعلى شبكة الإنترنت ثانياً، لحفظها من الضياع’.
وستتحول القناة، على ما يبدو، إلى بنك للموسيقى الكلاسيكية الخاصة باللون الغنائي في عدن. ويقول فريد: ‘بعد أن أطلقت القناة، حصلت على إعجاب مهتمين زوّدوني بمواد أخرى. والآن أمتلك 8000 مادة موسيقية كلاسيكية’.
وهذا الاحتياطي الموسيقي الضخم من المواد الموسيقية والفنية يحتاج إلى عمل جماعي للتشارك في تجهيزها للعرض على منتدى ‘يوتيوب‘، لكن فريد يؤكد أنه مازال يعمل في القناة منفرداً.
هوية خاصة
ولا يتم بث الوصلات الصوتية إلا بعد تحريرها بإضافة صورة خاصة تظهر إيقاعات متحركة، صعوداً وهبوطاً، تتزامن مع الصوت المرافق، ولا تزيد من حجم الأغنية القابلة للتحميل من الجميع، أما صورة العرض فتظهر زخرفات بأحرف عربية تصنع في مجموعها شكلاً مطابقاً لآلة العود الشرقية.
وتنقسم القناة إلى تسعة أبواب رئيسية، تضم أكثر من 90 قائمة تشغيلية فرعية تتوزع بين الألوان والمطربين، الذين ينتمي بعضهم إلى بلدان عربية أخرى مثل العراق ولبنان، لكن أغانيهم ترتبط بعدن بشكل أو بآخر، كأغنية ‘هيلا يا صياد‘ بصوت المطرب العراقي جعفر حسن، الذي عاش فترة طويلة في عدن.
استثمار للنجاح
ويسعى منشئ القناة إلى استثمارها وتسليط الضوء بمشروع أكبر إلى الوضع الأدبي الثقافي والتاريخي لمدينة عدن، ويقول إن ‘هذا سبب إنشاء موقع إليكتروني يحمل اسم القناة نفسه ليكون مرتكزاً للكتب والذائقة الأدبية الشعرية والقصصية’.
ويضيف: ‘إذن هي عدة مشاريع تحت منطلق واحد، أو تحت اسم وبنية واحدة: Aden Vintage، ونطمح حالياً للعمل على الأرض وإعادة تدوير منطق الحاضر ليشمل فكرنا وتاريخنا’.