هل التكهّن والتنبؤ بالمستقبل هبة إلهية مثبتة علمياً؟ أم أن كل ما يتم الحديث عنه خرافة وشعوذة؟ فكثيراً ما سمعنا بالكهنة والعرافين الذي يتنبؤون بالمستقبل بوساطة الجن، ولكن هل هنالك وجود لقدرات غير محدودة للإنسان ليستطيع بواسطتها التنبؤ بالمستقبل بعيداً عن الدجل والشعوذة؟
يؤمن البعض بوجود قدرات غير محدودة في تكوين الإنسان ذاته والتي تتمثل في قدرته على التنبؤ بالمستقبل، وقراءة الأفكار، والقدرة على رؤية الاشياء الموضوعة داخل علب وصناديق مغلقه، وغيرها الكثير من الظواهر التي لا يزال العلماء يتخبطون في ماهيتها بين مؤمن ومُنكر لها.
أنقسم عامةُ الناس بالإيمان بهذه الخوارق بين مصدقٍ ومكذب، وفي مقابل هذه المعمعة حاول علماء الباراسيكولوجي -وهو علم ما وراء النفس- البحث عن تفسير علمي ومنطقي لها بعيداً عن الجانب الروحي؛ وقد أنشئت لهذا الغرض جمعية المباحث النفسية وهي منظمة غير ربحية تأسست عام 1882 في المملكة المتحدة يتمثل غرضها المعلن في فهم الأحداث والقدرات ذات الطابع النفسي أو الخارق من وجهة نظر علمية. وتصف الجمعية نفسها بأنها «أول مجتمع يدير أبحاثًا علمية منظمة في التجارب البشرية التي تتحدى النماذج العلمية المعاصرة» وقد توصلت الجمعية إلى أن لدى الإنسان ملكات نفسية خارقة أهمها ثلاث وهي: التنبؤ، وتناقل الأفكار، ورؤية الاشياء من وراء حاجز.
يُقال إنه يوجد في الإنسان قدرات عقلية غير عادية يتمتع بها، موجودة في جميع الناس على حدٍ سواء، ولكن يكمن الاختلاف في درجتها؛ فتمكنهم من التنبؤ بأمور صحيحة تصل إليهم عن طريق غير الحواس الخمس أطلق عليها علماء الباراسيكولوجي بـ(ظواهر الإدراك عن غير الحواس) أطال في ذكرها (موريس شربل) في كتابه أضواء علمية على العالم الآخر؛ وتتمثل في الجلاء البصري الذي يمكن الأشخاص من رؤية ما لا يمكن للعين رؤيته بحاسة النظر العادية، وتُسمى أيضاً بالاستشعار عن بُعد، فـيتمكن بواسطتها وصف أحداث بعيدة لا تُرى بالعين المجردة، أو سماع ما لا يمكن للإذن العادية سماعه بقدرته على الجلاء السمعي.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال: “ما تقّرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضتُ عليه. ولا يزال عبدي يتقّرب إلي بالنوافل حّتى أحبّه. فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي”.
وقد يكون تفسر يبصر ببصر الله بأنه جلاء بصري ويسمع بسمعه بأنه جلاء سمعي يهبه الله من يحبه.
يحصل التنبؤ عن طريق إحساس مجهول، أو حلم من أحلام النوم أو اليقظة قد يُصيب أو يخطئ فقد يحلم المرء بحدثٍ ما، فيرى الحدث بعد عدةِ أيام يتحقق بتفاصيله، ويمكن أن أضرب مثال واقعي على الإدراك المُسبق للأحداث وهي حادثة وقعت مع كاتب المقال ذاته، قبل حوالي سته أشهر في لحظِة صفاء ذهني، وبال هادئ مطمئن، تجلت أمام بصري شاشة او ضوءٌ أبيض فيه مشهد لجلوسي في مقعد الطائرة بجانب النافذة، مع أني لم أكن أخطط للسفر وقتها، وماهوا إلا شهر واحد حتى تحققت الرؤية بتفاصيلها.
ويُعتبر التخاطر أو توارد الأفكار من أكثر الظواهر شيوعاً بين الناس ويتمثل في قدرة شخصين على التواصل ذهنياً بدون الاستعانة بأي من الحواس الخمس، ومن أمثلة التخاطر الشائعة أن يُطرأ في ذهنك شخصٌ ما بالمصادفة فتشرعُ بفتح الجوال بنية كتابة رسالة إليه فتجد بأنه يكتب لك أيضاً في ذاتِ الوقت!.
“ومن حوادث التخاطر أو توارد الأفكار يمكن الإشارة إلى تجارب الطبيب النفسي (نافل ناومو) المشهور في مستشفى التوليد حيث كانت الأمهات تُفصل في جناح بعيد عن جناح الأطفال ولوحظ أن الأم كانت تُصاب بالعصبية والألم عند ما كان وليدها يعاني من الألم أو الجوع وفي الجانب الآخر كان الطفل يبكي في لحظات ألم أمه وبكائها.
ويروي الكاتب مصطفى أمين أنه عندما كان هو وشقيقه التوأم في المدرسة أيام الطفولة حين يتعرض أحدهما للضرب من قبل المدرس، فإن الآخر في الغرفة الأخرى يبكي من تلقاء نفسه.
والملاحظة المهمة التي لاحظها العلماء المؤيدون لعلم الباراسيكولجي من تجاربهم هي أن هذه الظاهرة تحدث بشكل أكبر بين الأفراد الذين تربط بينهم علاقات قوية، كالأم وطفلها والزوج وزوجته.
وفي الجهة الأخرى رأيٌ آخر ففي عام 1911 بدأ جون إيدكار كوفير بجامعة ستانفورد بإجراء تجارب وبحوث على الإدراك خارج الحواس، وقد فشل البحث وكانت نسبة إدراك شيء خارج الحواس تساوي نسبة التخمين العشوائية، وأيضاً قامت جامعة أمستردام بمشروع لاختبار وجود الظواهر الخارقة للطبيعة كالتخاطر، والاستبصار، والإدراك خارج الحواس تحت وحدة أنشئت لذلك الغرض ولم تعمم الوحدة أو الجامعة بأي نتائج او ادعاءات باكتشاف شيء منذ ذلك الوقت.
ويقول أستاذ الفيزياء الكونية بجامعة اليرموك بالأردن الدكتور العراقي محمد باسل الطائي: “ما أعرفه أن أحداً لم يقف بالضبط على حقيقة هذا العلم لكنني صنفت مصادر الظواهر الباراسيكولوجية إلى ثلاثة مصادر:
الأول: قدرات ذاتية في الإنسان.. كل إنسان ولكن بقدرٍ متفاوت.
الثاني: استخدام الجن.
والثالث: مواهب ربانية تأتي كمنحة أو تكريم لعباده الصالحين نتيجة تقواهم واستغنائهم عن الدنيا.
الجلاء البصري والسمعي والتنبؤ والتخاطر وغيرها من القدرات التي انقسم الناس والعلماء في ماهيتها وطريقة تفعيلها وما إذا كانت تحت إطار الهبات الإلهية او الخرافة، وبقيت إلى الآن بين مؤمن ومنكر، وتظل القدرات الخارقة لغز مجهول حتى تُفعل في الشخص ليؤمن فيها إيمان لا يُخالطه شك، أو تبقى خرافة بحتة مرتبطة بالمشعوذين فقط.
- هذه المادة تم إنتاجها ضمن مشروع “كلمتين على بعض” الذي ينفذه نادي تكوين الثقافي، بتمويل من الصندوق العربي الثقافي والفنون (آفاق).
نعم، يوجد ما يسمى بالحاسة السادسة وهي فيما يتعلق أيضًا بالحدس، مقال ثري، شكرًا لكم.
ابب
مقال جميل،،
تعقيب بسيط،،
لا يعتبر مفهوم “الحاسة السادسة” ظاهرة علمية راسخة. غالبًا ما يستخدم في سياق روحي أو خارق للطبيعة لوصف القدرة على الإحساس بأشياء تتجاوز الحواس الجسدية الخمس. في حين أن فكرة الإدراك والحدس خارج الحواس مثيرة للاهتمام ، فلا يوجد دليل علمي قاطع يدعم وجود “الحاسة السادسة”.
أما بالنسبة إلى “التنبؤ” ، فهناك العديد من المجالات العلمية التي تدرس التنبؤ ، بما في ذلك الرياضيات والإحصاء والتعلم الآلي والفيزياء. على سبيل المثال ، يمكن استخدام النماذج الإحصائية للتنبؤ بالأحداث المستقبلية بناءً على البيانات السابقة ، بينما يمكن تدريب خوارزميات التعلم الآلي لعمل تنبؤات بناءً على بيانات الإدخال. ومع ذلك ، غالبًا ما يكون إجراء تنبؤات دقيقة أمرًا صعبًا بسبب تعقيد الأنظمة قيد الدراسة والقيود المفروضة على فهمنا الحالي.
الكثير من الجدوى أُكدت لي هنا ، فقد كان فيه أجوبه لتساؤلات تراودني كثيراً 🦋🦋
الجميع يمتلك الحدس الذي يُشعرنا بأشياء غير مرئية في بعض الأوقات، ويُخبرنا بالحذر من بعض الناس أو بعض المواقف، وإن كانت غير مفعّلة لدى البعض. لكن ما يُفسّره بعض المنجّمون والمشعوذون بأن الحاسّة أو الحدس هي القدرة على إدراك أمور خارقة للعادة فهذا خارج نطاق ديننا الإسلامي ولا نؤمن فيه.
افكاري متقاربة مع الطرح ولي تجارب ايضا.ارؤد ان اكتب هل هناك دعم مالي؟