article comment count is: 1

أضرار جهل النساء بالتكنولوجيا الرقمية!

لم تكن الثلاثينية (سامية رزيق) تعلم بأن عدم معرفتها باستخدام تطبيقات الهاتف المحمول الذي تملكه سيعرضها لسرقة أموالها من قبل إحدى صديقاتها المقربات منها.. تعود القصة  ذات يوم حينما أودع شقيق سامية نصيبها من الميراث الخاص بها مبلغ خمسة ملايين ريال يمني لحسابها في إحدى البنوك التجارية  بالعاصمة اليمنية صنعاء، وحينما وافقت سامية أثناء تواجدها في البنك بتفعيل الخدمات الإلكترونية المقدمة من البنك لم تكن تعلم بأن تلك الخدمات تشمل إيداع وسحب الأموال الخاصة بها عبر الهاتف المحمول، وخلال انشغال سامية بتفاصيل الحفلة التي حضرتها أخذت إحدى صديقاتها هاتفها المحمول وقامت بتحويل ثلاثة ملايين ريال إلى حساب امرأة أخرى..

لم تعلم سامية بالواقعة الا اليوم التالي من حضورها تلك الحفلة، حينما وصلت لها رسالة تُفيدها باستلام امرأة ذلك المبلغ المحول لها، حينها  توجهت سامية إلى البنك لمعرفة هوية المرأة التي استلمت ذلك المبلغ وبعد أن أبلغت الشرطة تم إلقاء القبض على المرأتين اللّتين اشتركتا في عملية النصب على سامية لكنهما لم يستطيعا دفع ما سرقتاه من مال ولم ترضى سامية بسجنهن وتم الاتفاق على أن يُسلم المبلغ لسامية بالتقسيط على دفعات.

تقول سامية  لـ(منصتي 30) ” لقد كنت ضحية جهلي بالتكنولوجيا الرقمية فلو أنني كنت أعرف كيفية الحفاظ على كلمة السر لدخول ذلك التطبيق لكنت سلمت من تلك السرقة”.

وفي مدينة تعز حُرمت العشرينية سحر محمد، من حصولها على وظيفة مرموقة في إحدى المنظمات الدولية العاملة هناك بسبب عدم معرفتها باستخدام أساسيات المراسلات والعروض التقديمية عبر الحاسوب، وعلى الرغم من أن سحر حاصلة على درجة الليسانس في الأنثروبولوجيا من إحدى الجامعات الحكومية، ودرست دورات في التنمية البشرية، إضافة إلى أعمالها الطوعية في خدمة مجتمعها المحلي الا أن ذلك لم يكن كافياً للظفر بفرصة الحصول على وظيفة في تلك المنظمة  كما تقول سحر  في حديثها لـ(منصتي 30 ) وتضيف: “حينما لم أحظَ بالقبول في تلك الوظيفة أدركت جيداً أهمية تعلم التقنيات المصاحبة للتكنولوجيا بالنسبة لتعزيز فرص العمل، ومن ذلك الحين أخذت على عاتقي ضرورة أن أتعلم كل ما هو جديد في عالم التكنولوجيا الرقمية سواءً في المعاهد المختصة أو من خلال التعلم الذاتي عبر شبكة الانترنت”.

أضرار مباشرة   

مثل سامية وسحر  الكثير من النساء اليمنيات اللواتي كن يجهلن استخدام التكنولوجيا الرقمية سواءً عبر الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية وحتى الحواسيب بسبب عدم اهتمامهن واهتمام أهاليهن بتعليمهن، وبسبب ذلك تعرضن لأضرار متعددة كان لها تأثير مباشر على حياتهن.

وقد تكون بعض النساء اليمنيات في عزلة عن العالم ومحرومات من الاطلاع على كل ما هو جديد بسبب عدم معرفتهن بالتكنولوجيا الرقمية كما يرى الباحث والاختصاصي في علم النفس ـ عبدالناصر حسين ـ خلال حديثه لــ(منصتي 30) ومن بين الأضرار التي تسببها عدم معرفة النساء اليمنيات للتكنولوجيا الرقمية بحسب عبدالناصر، هو الانحراف الذي قد يقع فيه الأبناء بسبب عدم مساهمة أمهاتهم في ترشيد ومراقبة استخدام الأبناء لأجهزة الهواتف المحمولة ولمختلف المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت، إضافة إلى أن الأميّة الرقميّة عند النساء اليمنيات وغير اليمنيات تساهم في تعميق المشاكل الناتجة عن عدم المساواة بين الرجل والمرأة في كثير من المجالات، وبالتالي تساهم في تجهيل النساء بحقوقهن.

اتفق باحثون على تعريف أمية التكنولوجيا الرقمية بأنها عدم معرفة وإلمام واستخدام الناس لأدوات وأنظمة وأجهزة الموارد الإلكترونية التي تنشئ البيانات أو تخزنها أو تعالجها، والتي تشمل الأمثلة المعروفة كـ المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، والألعاب عبر الإنترنت، والوسائط المتعددة، والهواتف المحمولة، وهو التعريف الذي ينطبق على حالة الأمية في التكنولوجيا الرقمية التي تعاني منها معظم النساء في اليمن خاصة في المناطق الريفية.

فجوة رقمية

وعلى الرغم من ولوجنا إلى ما بعد منتصف الألفية الثالثة إلا أن نتائج بحث أجرته الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول (GSMA) أظهرت بأن عدم معرفة كيفية استخدام الهاتف المحمول وكيفية الوصول إلى الإنترنت على جهاز محمول و صعوبات القراءة والكتابة، غالباً ما تشعر بها النساء أكثر من الرجال في المجتمعات الحضرية الفقيرة بما فيها اليمن.

ويعاني اليمن اسوةً بباقي البلاد العربية من تزايد اتساع الفجوة الرقمية بين الذكور والإناث في انتشار الإنترنت والتي تُقدر بنسبة3,14 في المائة، كما أن الفجوة موجودة بين الجنسين في ملكية الهواتف الذكية، لأن الهواتف الذكية هي أكثر الوسائل استخدامًا، وفقاً  لدراسة علمية صادرة عن “الاتحاد الدولي للاتصالات”.

تلك الفجوة تساهم في توسع أضرار جهل النساء اليمنيات بالتكنولوجيا الرقمية بحسب ما يرى محمد جهلان ـ رئيس لجنة الإعلام بجمعية الإنترنت اليمنية ـ ويرجع جهلان سبب جهل الكثير من النساء اليمنيات للتكنولوجيا الرقمية إلى مجموعة من القيود والحواجز منها عدم توفر الإمكانات المالية لدى كثير من العائلات في بلد يشهد حربًا مأساوية منذ أكثر من 8 سنوات، إضافة إلى عدم إتاحة الفرصة للكثير من النساء تعلم أساسيات، ومهارات التكنولوجيا الرقمية بسبب مخاوف عدم سلامة  النساء وأمانهن إلكترونياً وتعرضهن للإبتزاز والمضايقات بحسب تفكير البعض.

مؤشرات واقعية

و أشارت العديد من البحوث والدراسات العلمية إلى ضعف إقبال النساء في اليمن على استخدام الإنترنت، إذ لفتت دراسة تسويقية بأن مطلع العام الفائت 2022 ، كان 28.4٪ من جمهور إعلانات موقع التواصل الاجتماعي على انستغرام في اليمن من الإناث، بينما كان 71.6٪ من الذكور، كما أن 17.3٪ من جمهور إعلانات موقع فيس بوك في اليمن كان من الإناث، يقابله 82.7٪ من الذكور، وهو المؤشر الذي يوضح نسبة ضعف إقبال النساء في اليمن على مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن ثمة دراسات حديثة أخرى  تشير عكس ذلك وتوحي بأن النساء اليمنيات بدأن الاهتمام في الآونة الأخيرة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أكبر خاصة العاملات في مجالات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والصحافة والنشاط الاجتماعي والحقوقي والحزبي، إضافة إلى الطالبات وربات البيوت.

وهو الأمر الذي يساهم في الحد من تزايد مؤشرات الأمية في التكنولوجيا الرقمية، من بين تلك الدراسات التي أطلقتها/ سهام البدجي ـ الباحثة في الإعلام الحديث ـ الخاص بالتثقيف والترويج لدور المرأة اليمنية، حيث تشير الدراسة الصادرة باللغة الإنجليزية منتصف شهر مارس / آذار من العام الجاري، إلى أن النساء اليمنيات يبدين تفاعلاً قوياً في كافة القضايا المجتمعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وأظهرت الدراسة أن (فيس بوك) من أكثر وسائل التواصل الاجتماعي التي تستخدمها النساء اليمنيات يليه تطبيق (واتس اب)، ومن ثم (اليوتيوب، وتويتر و انستغرام ومن ثم جوجل وتلغرام، وتطبيق سناب شات)، ومن ثم باقي التطبيقات المنتشرة على الشبكة العنكبوتية”.

كما بينت الدراسة الوقت الذي تقضيه نساء يمنيات على تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، والمشاركة في كتابة محتواها، حيث أوضحت أن 36.4% من النساء (110) امرأة عيينة الدراسة تقضي أكثر من خمس ساعات يوميًا، في حين تقضي 30% فترة ما بين (2 – 3) ساعات يوميًا، بينما تقضي 29.1% ما بين (3 – 4) ساعات يوميًا، كما تقضي 4.5% فقط من عينة الدراسة أقل من ساعة يوميًا على تلك المواقع.

وترى الباحثة سهام البدجي، أن للإعلام الجديد تأثير في قضايا المرأة وذلك بالاعتماد على دور المرأة نفسها  الفاعل على تلك المنصات الرقمية التي أصبحت نافذة نحو العالم.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

أحدث التعليقات (1)

  1. حقا الجهل بالشي وخصوصاً معرفه التكنولوجيا الحديثة لانها هى لغه العصر في المستقبل