المتسولون الحرب اليمن
article comment count is: 0

المتسولون يتضاعفون.. والحرب سبباً

قيل إن شاعراً متسولاً فيما مضى، قال: “الحركة بركة والتواني هلكة والكسل مشؤوم والأمل زاد العجزة، وكلبٌ طائف خير من أسد رابض، ومن لم يحترف لم يعتلف”.

في اليمن لا يُختلف اليوم على أن التسول صار ظاهرة وسط المجتمع اليمني، والحرب سببٌ مهم في بروزها على السطح وتفرع أغصانها، إنها كما يصفها الدكتور يحيى علي الخولاني: “ظاهرة ممقوتة في وجدان الضمير الجمعي وبؤرة ضعف في حياة المجتمعات”.

يحيى الخولاني أستاذ علم الاجتماع المساعد في جامعة المستقبل في دراسة عنونها بـ “ظاهرة التسول في المجتمع اليمني.. العوامل المسببة والوقاية منها” ونشرها في مجلة الدراسات القانونية العام الماضي، يقول: “الفقر ليس السبب الرئيسي للتسول، ولكنه عامل من عوامله”.

ويرى الخولاني أن الفقر قد يكون حافزاً للكد والكفاح الشريف، لكن عدم إشباع الرغبات وخيبة الآمال.. التي تنبع أساساً من الفقر، لا يمكن تجاهلها كعامل من عوامل التسول.

إحصائيات

لا توجد دراسات متخصصة حول أعداد المتسولين في اليمن خلال سنوات الحرب الحالية خصوصاً في ظل غياب المؤسسات الحكومية المسؤولة عن ذلك، إلا أنه في العام 2015 نشرت شبكة أريج تحقيقاً استقصائياً عن شبكات التسول المنظمة في اليمن، وذكر التحقيق الذي اعتمد على عدة مصادر أن هناك أكثر من 30 ألف طفل متسول يتوزعون على محافظات اليمن، سبعة آلاف منهم في صنعاء وحدها. ومع استمرار الحرب وانقطاع الرواتب تطورت الظاهرة وانضمت لها فئات جديدة من اليمنيين حتى من لم يفكر قط بأن يكون متسولاً.

يحيى الشهاري خبير اقتصادي يقول لمنصتي 30 إن التسول ظاهرة قديمة وليست وليدة الحرب، بل هي نتيجة فشل اقتصادي وسياسي واجتماعي تراكم منذ عقود.

أساليب جديدة

يلاحظ أن الفئة العمرية الأكثر تسولاً هي من الأطفال، بينما الأكثر من ناحية النوع هي من النساء، وأيضاً يمكن ملاحظة ظهور قليل للمتسولين من الرجال الكبار في السن أو المصابين بإعاقات، ومنهم محمد، الذي يقول لمنصتي 30 إن لغماً انفجر أثناء مروره عليه في الحديدة، وسبب له إعاقة دائمة في قدميه جعلته عاجزاً عن القيام بأي عمل، وكان العمل الأقرب لنا هو التسول، ويضيف محمد “لي زوجتان وسبعة أبناء، الحاجة والنزوح جعل كل منا يتسول ونحن نعيش في منزل جيد ندفع إيجاره جميعاً”.

ويقول محمد: “للأمانة، توجد طرق كثيرة يجب على المتسول تعلمها، ومن يجيد التسول يمكنه ابتداع طرق جديدة، أحد أبنائي يستخدم طريقة متداولة وعرف الكثيرون أنها حيلة ولكنها ما زالت تجدي وتدر مبالغ لا بأس بها”.

ويصف محمد زوجته الثانية بأنها أكثر براعة في التسول من الأولى التي تشعر بالخجل ولا يمكنها الاستجداء والتفنن في طلب المال، أحب الثانية لأنها تغطي احتياجات كثيرة لأسرتنا”.

وبعد إلحاح سمح لنا محمد أن نلتقي بأحد أبنائه (سليم)، وهو يعمل في شوارع صنعاء كلها، ويملك ميزاناً محطماً يرميه في الشارع ليتعاطف معه المارة.

يقول سليم لمنصتي 30:”إنه يستطيع التمثيل ويمكنه خداع الناس بسهولة، حتى أنه يصدق نفسه أحياناً ويبكي بكاءً شديداً، ولكنه يجني مالاً بطريقته التي لا يعرف من ابتكرها ويرى أن لا أحد يستطيع الاستمرار بها ما لم يكن قادراً على التمثيل وإقناع الناس بها”.

محمد يرى أن التسول هو قدرهم وأن لا مستقبل لعائلته إلا بالتسول، وأن أبناءه سيكبرون وسيكتشفون طرقاً جديدة للتسول، لا أريدهم أن يتعلموا مهنة ولا يكملوا تعليماً”.

الظاهرة بعد الحرب

“كيف ستتأثر ظاهرة التسول بعد الحرب في اليمن؟” سؤال طرحناه على الكثيرين من المتسولين الذين التقينا بهم في شوارع مدينة صنعاء، حيث يبدو من خلال حديثنا إليهم وإلى محمد وعائلته أن الحرب لن تكون نهاية كبيرة للقضاء على الظاهرة تماماً بالرغم من أنها غير قانونية، حيث نصت المادة 203 من قانون الجرائم والعقوبات اليمني على: “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر من اعتاد ممارسة التسول في أي مكان إذا كان لديه أو في إمكانه الحصول على وسائل مشروعة للتعيش، وتكون العقوبة الحبس الذي لا يزيد عن سنة..”.

يحيى سالم، صحفي متخصص بالشؤون الإنسانية يرى أن “نهاية الحرب لا تعني نهاية الظواهر، فالمشكلات النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تخلفها الحرب هي من تخلق الظواهر ونهايتها نهاية لأي ظاهرة تبرز”.

ويوضح سالم: “تجب دراسة المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تسببها الحروب لفهم هذه الظواهر، وحلها سينعكس على كل ما خلفته هذه المشكلات، أما التهاون فعواقبه وخيمة حتى وإن انتهت الحرب”.

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً