لطالما ظلت كثير من الأعمال في اليمن خاصة بالرجال ولم تتمكن المرأة من الاقتراب منها لأسباب كثيرة منها العادات والتقاليد التي تمنع المرأة من ممارستها.
في إحدى المحاولات لكسر هذه القاعدة لم يكن أمام شذى الحمادي إلا أن تقتحم أعمال الرجل وتحول سيارتها الخاصة إلى سيارة أجرة في نهاية العالم 2014، عقب سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيون) على مؤسسات الدولة في صنعاء، واشتعال الحرب في البلاد، وتوقف رواتب الموظفين، وخسارة كثيرين لمصادر دخلهم، والذي نتج عنه تردي الوضع المعيشي بشكل كبير، وأدى إلى خروج كثير من النساء إلى سوق العمل وممارسة أعمال كانت إلى ما قبل الحرب لا تستطع المرأة العمل بها.
في ذلك الوقت قامت شذى بتوصيل زميلاتها من الجامعة إلى منازلهن، وكان الهدف في البداية من أجل هروبهن من الزحام والمضايقات التي تحدث للكثير من النساء في المواصلات حد قول شذى.
وفي حديثها لـ”منصتي 30” تقول شذى إنها في بداية عملها واجهتها كثير من الصعوبات منها أزمة المشتقات النفطية التي حدثت في بداية العام 2015 وجعلتها تتوقف عن العمل لوقتٍ طويل، بالإضافة إلى الحرب وتخوف كثير من النساء بأن تركب معها، الأمر الذي جعل نشاطها محصوراً على بعض معارفها، وكذلك عدم تقبل بعض الناس لعملها بحكم أنه شيء جديد على المجتمع، إلا أنها تقول إن الأمر أصبح اعتيادياً، وأصبح لديها الكثير من العملاء من النساء والأطفال.
بعد أن انتهت من دراستها الجامعية لم تحصل على وظيفة في مجال عملها، لكنها استمرت في عملها على سيارتها، في ذلك الوقت كانت قد كسبت ثقة كثير من النساء، وتعمل الآن على توصيل العديد منهن إلى أماكن مختلفة.
ليست شذى وحدها من اقتحمت هذا المجال إذ قررت سعاد محمد هي الأخرى خوض نفس التجربة وقامت بتحويل سيارة زوجها إلى سيارة أجرة والعمل عليها في توصيل صديقاتها وأطفال الحي إلى المدارس، وتشير في حديثها لـ”منصتي 30” إلى أن انقطاع المرتبات عنها وعن زوجها جعلهم يبحثون عن مصدر دخل بديل، ولم يكن أمامها سوى تحويل سيارة زوجها إلى تاكسي خاص، والذي بدأت فيه عام 2017، لاسيما عندما ازدادت حالات اختفاء الأطفال في مناطق كثيرة في صنعاء، وهذا ما شجع بعض الأهالي على التعامل معها من أجل توصيل أطفالهم.
فيما بعد قامت سعاد بتطوير عملها والتعامل مع نساء من الحي الذي تسكن فيه وأخريات، وقامت بتفعيل اشتراكات مع كثير من النساء لاسيما العاملات وبعض أسر الأطفال بأن تقوم بتوصيلهم مقابل أجر شهري. وتشير سعاد إلى أن عملها على التاكسي يساعد بشكل كبير في توفير متطلبات المنزل والإيجار وبعض مصاريف الأطفال، فيما ذهب زوجها للعمل بائعاً في أحد المحال التجارية، براتب شهري رمزي.
تعاني سعاد من مضايقات كثيرة بسبب عملها وعدم تقبل البعض من الأهل والأصدقاء لما تقوم به، إلا أن كل هذا لم يقف أمامها لاسيما أن زوجها هو من بادر بمساندتها وتشجيعها منذ الوهلة الأولى، وهو ما كان يجعلها تنسى كل ما يحدث لها من مضايقات حسب قولها، وتشير إلى أنها كانت في البداية ترفض هذه الفكرة، لكنها قررت في البداية العمل بسبب حالة زوجها الصحية التي لا تسمح له بالعمل على متن السيارة، لكنها الآن أصبحت تدير دخلًا لا بأس به من العمل ولا تستطيع التخلي عنه.
ورغم تجارب هذه النساء وغيرهن في خوض بعض الأعمال إلا أنهن مازلن متخوفات، حيث مايزال عملهن مقتصر على توصيل النساء والأطفال فقط، وفي ساعات مُحددة في النهار، ويعني هذا أن كثيراً من الناس لاسيما الرجال لا يتقبلون عمل المرأة في أي مجال، فكيف سيقبلون عملهن على سيارة أجرة، كما أن مخاوف النساء تمتد لتشمل التخوف من المضايقات التي قد تحدث من قبل الرجال إذ تم توسيع عملهن للجميع.
تطمح شذى بأن تطور من عملها وتفتح شركة خاصة بتأجير السيارات للنساء، وذلك من أجل تمكين المرأة اقتصادياً حسب قولها، فيما تتمنى سعاد أن تتوقف الحرب وأن تتمكن المرأة من ممارسة أي عمل وأن يضمن لها القانون حقها في ذلك، ويتم تقبلها في المجتمع.