article comment count is: 0

تكريس ثقافة الذكورية الإيجابية في المجتمع اليمني!

يعتبر مصطلح الذكورية الإيجابية من المصطلحات الحديثة بالنسبة لحقل حقوق الإنسان، والذي يشير إلى الذكور الذين ينتهجون نهجاً مسانداً ومساعداً للمرأة في مواجهة الذكورية السلبية، وتعرف الأمم المتحدة الذكورية الإيجابية بأنها: “مجموعة من السلوكيات التي يمارسها الرجال الذين يقفون ضد العنف ضد النساء والفتيات”، وعليه فإن الهدف الأسمى لمصطلح الذكورية الإيجابية، هو: “الدفاع عن حقوق النساء ومناهضة العنف ضد المرأة”.

وإذا كان مصطلح الذكورية من المصطلحات حديثة النشوء فهو بالنسبة للمجتمع اليمني من المصطلحات الجديدة حيث ما يزال ما نسبته 63% من اليمنيين لم يسمعوا بهذا المصطلح من قبل، بحسب استبيان شمل عينة 150 شخصًا (100 ذكور و50 إناث) أجرته الصحفية منيرة أحمد الطيار، ونظراً لذلك فإن هذا المصطلح يصطدم بعدة عراقيل في المجتمع اليمني متمثلة في الموروث الثقافي والقبلي والذي كرسته العادات والتقاليد التي يتوارثها أبناء اليمن جيلاً بعد جيل، فبالرغم مما يحمله المصطلح من معانٍ سامية تسهم في تنمية الثقافة الأسرية المبنية على التكامل بين الرجل والمرأة وألا يكون الرجل هو وحده المسيطر على المرأة من منطلق القوة، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تخفيف الأعباء التي تقع على كاهل الرجل نتيجة للتعاون التام القائم بين كلا الجنسين والذي يجعل كل منهما يضطلع بأي دور يمكن من خلاله مساندة ومساعدة الجنس الآخر.

الجدير بالذكر أن ما يعده ذكور اليوم في المجتمع اليمني تحت مصطلح “العيب” وهو أن تسند إلى المرأة أعمال قيادية سواء في مؤسسات عامة أو خاصة تجعل مجموعة من الذكور تحت إمرتها، كان بالنسبة للمجتمع اليمني وعبر تاريخه العريق أمر طبيعي لا جدال فيه، فبلقيس حكمت اليمن وأرجع إليها القوم الأمر النهائي في قضية السلم والحرب، معلنين مساندتهم لأي قرار تتخذه، و أروى بنت أحمد الصُليحي التي ازدهر في عهدها اليمن واشتهر بالعلم والعلماء، مثال آخر على إيمان المجتمع اليمني بحق المرأة بالعمل في أي مكان تؤهلها قدراتها وإمكانياتها على القيام به، وإنك عندما تذكر اليوم مثل هذه النماذج أمام أبناء الشعب اليمني في ظل الوضع المأساوي الذي يقاسونه تجدهم يقولون” نحن لن يصلح  حالنا إلا إذا قادتنا امرأة” ومن يدري قد يكون الحل هنا!.

إن ثقافة الذكورية الإيجابية ينبغي أن تُكرس في أوساط المجتمع اليمني من خلال أمرين مهمين، الأمر الأول وهو: التوعية بأهمية هذا المشروع وبأهدافه البناءة وهذا الأمر لن يتم الا بتكاتف من قبل الجانب الرسمي بأدواته المختلفة من إعلام ومناهج وصحف، والجانب المجتمعي من قبل الأفراد الحاملين لهذه الثقافة ذكورًا كانوا أم إناث، والأمر الآخر: هو أن تنعكس هذه الثقافة على الذكور الداعين لها والساعين في أوساط المجتمع بالحديث عن أهميتها؛ فلا يمكن أن تجد رجلًا يدعو إلى الذكورية الإيجابية ثم تجده لا يسمح لابنته أن تكمل دراستها الجامعية أو أن تعمل زوجته كصحفية، أو أن ييأس من ازدراء المجتمع له أو التنقيص من شأنه لأنه مثلًا يقوم بأدوار زوجته في المنزل من تنظيف وطبخ إلى أن تعود زوجته من وظيفتها.

إن الأمر الذي ينبغي للمجتمع اليمني ألا يجهله هو أنه لا قوام لأي مجتمع ولا فرصة لنهوضه وازدهاره في عدم وجود المرة وينبغي أن تمنح المرأة فرص متساوية في مقابل الرجل تتمكن من الوصول إليها بكفاءتها وجدارتها، ناهيك عن الدراسات التي تظهر مدى التزام المرأة بالعمل والقدرة على إنجازه بكل كفاءة وفاعلية.

أيضًأ ما يجب أن يفكر به ذلك الرجل الذي يدعي التمسك بالعادات والتقاليد وفي مزايدة بالقيم والأخلاق ويمنع ابنته باستخدام العنف من إكمال دراستها أو يمنع أخته أو زوجته من العمل كطبيبة في جوار الرجل في المستشفى، في حال مرض واحدة من إناث أسرته أين سيذهب بها؟!

في مقابل ذلك هناك دور يقع على عاتق المرأة للتوعية بأهمية الذكورية الإيجابية، وهو ألا تخجل المرأة من ذكر محاسن ذكور أقاربها ليس الجمالية بل السلوكية التي تعبر عن وعيهم بأهمية الذكورية الإيجابية أمام الآخرين؛ والسبب في ذلك أنك تجد بعض النساء تسعى لعدم ذكر محاسن ذكور أقاربهن أو أزواجهن الإيجابية أمام النساء الأخريات بحجة الغيرة أو الخوف من الحسد، الأمر الذي يفضي إلى وجوب تكاتف المجتمع ذكورًا وإناثًا في التخلص من العادات والتقاليد العصبية القديمة التي تقف أمام الوصول إلى الفهم الواعي والممارسة السليمة للذكورية الإيجابية والتي تقتضي الوصول إلى نتائج إيجابية يلمسها المجتمع على جميع المستويات وفي مختلف الأصعدة.

 

  • هذا المقال أحد المقالات المرشحة ضمن “القائمة القصيرة” في مسابقة “المقال” ضمن أنشطة حملة “دعم أبطال المجتمع” التي نظمتها منصتي 30.

 

اترك تعليقاً