مدينة تعز - 06 أغسطس 2018 - تسبب الدمار الذي خلفته الحرب في إحداث دمار في الأحياء المدنية ومنازل المدنيين. Shutterstock
article comment count is: 0

رسائل عاجلة إلى أطراف الأزمة اليمنية!

منذ بدأت الحرب بين الفرقاء في اليمن، كان كل طرف يبالغ في الإيمان بقدراته على تحقيق أهدافه المرسومة في توسيع خارطة النفوذ والسيطرة، لكن النتائج جاءت على النقيض من ذلك، حيث لم يتمكن طرف من فرض سيطرته العسكرية على كل أجزاء البلاد، عدا بعض الانتصارات في مناطق المواجهات لصالح هذا الطرف أو ذاك، وهي مكاسب لم تغير الكثير على خارطة النفوذ، إذ بقي كل طرف محكماً قبضته على مناطق نفوذه بكل الوسائل الممكنة، ويتطلع للسيطرة على ما في قبضة الآخر، وبقي الجميع وسط هذه الحلقة إلى اللحظة، لكن نتائج هذا الصراع كانت كارثية على الشعب بأكمله، لدرجة أن تم تصنيف اليمن كواحد من البلدان المنكوبة على مختلف الأصعدة.

لذا وبعد مرور ست سنوات من الحرب، بات من الضرورة أن نوجه رسائل عاجلة لأطراف الصراع، أملاً في انتهاء الحرب وإحلال السلام.

رسالة إلى الرئيس هادي وحكومة الشرعية

ثمة خيبة أمل كبيرة لدينا كشعب من إصراركم على البقاء كسلطة شرعية فيما أنتم تتنصلون من مسؤولياتكم تجاه الشعب، وآثرتم ممارسة سلطة وهمية من خارج البلد.

لقد انهارت الدولة، وفقد آلاف المواطنين حياتهم، وبقي أضعافهم بين جرحى ونازحين بفعل غارات حلفائكم الذين دمروا البنى التحتية، وشرعوا في تقويض وحدة البلد وأمنه واستقراره أمام أنظاركم، والتزمتم الصمت إزاء تلك الممارسات المسمومة رغم أنها تتم تحت غطاء شرعيتكم.

لذا بات من الضروري أن تبادروا بالعودة إلى معقل نفوذكم في البلد وتفتحوا قنوات للتواصل مع خصومكم من أجل تهيئة مناخ يفضي إلى تسوية عادلة تحتضن كافة القوى السياسية والمدنية الفاعلة وتزيل كل معوقات السلام.

رسالة إلى أنصار الله

لقد كنتم من أبرز المساهمين في هذا الدمار الذي لحق بالبلاد، بدءاً بانتهاج أسلوب العنف لفرض مشروعكم السياسي، وتجاوز كل الطرق القانونية في الوصول إلى السلطة، وبما أنكم أصبحتم كياناً له حضوره على المسرح السياسي بعد سيطرتكم على مناطق كثيرة من شمال البلاد، واستيلائكم على التركة العسكرية للجيش عقب أحداث ديسمبر 2017، لم يعد لديكم أي مبرر للتخوف من الإقصاء وغيرها من الحجج التي طرحتموها في بواكير نشاطكم السياسي والعقائدي، وعليه بات من الواجب عليكم أن تستجيبوا لصوت العقل وتمدوا أيديكم إلى السلام مع الشرعية وبقية أطراف الأزمة، لأن الاستمرار في الحرب يعني مزيداً من الإنهاك لكم ولخصومكم، ومن ورائكم الشعب الذي بات يرزح تحت خط الفقر جراء ما تسببتم فيه رفقة بقية الأطراف من كوارث وأزمات مطردة إلى هذه اللحظة.

إن مشروع السلام سينصف الجميع من الجميع، وسيؤسس لشراكة عادلة في كل شؤون الدولة، لذا ما من داعٍ للتخوف أو التشكيك في مشروع السلام.

رسالة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي

لقد فرضتم مشروعاً شطرياً بقوة السلاح الذي أخذتموه من مخازن سلاح دولة الوحدة، ورفعتم شعار دولة الجنوب وفقاً لرغباتكم الشخصية دون اللجوء إلى الطرق السلمية المتعارف عليها عالمياً في حق تقرير المصير، ومارستم فرزاً عنصرياً ضد أبناء المناطق الشمالية، وتسببتم مع الشرعية في معارك دامية داخل مدن الجنوب راح ضحيتها المئات من المدنيين والعسكر على حد سواء، وهاهو اليوم الجنوب يغرق في وحل من الانفلات الأمني، وتدهور الخدمات، وضنك العيش جراء الواقع الذي فرضتموه، الأمر الذي فاقم شرخ الهوية اليمنية، وزاد الملف اليمني تعقيداً، ومع كل ذلك لم ينجح مشروعكم في إقامة دولة مستقلة لأسباب عدة منها الافتقار إلى التأييد الشعبي وغياب القدرة على إدارة ملف بحجم مشروع الانفصال، وعلى ذلك ينبغي أن تعيدوا قراءة المشهد جيداً، وتلتفتوا لأنات المواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بالوضع القائم هناك، واعلموا أن قضية تقرير المصير بيد الشعب الجنوبي برمته، والانتصار لها لن يكون إلا من خلال الطرق السلمية كالاستفتاء الشعبي وبرعاية وإشراف دولي كما حدث في السودان، لا بقوة السلاح أو تأجيج المناطقية.

نناشدكم أن توقفوا التصعيد في تشظي البلد، وتغليب مصلحة الوطن على ماسواها من مصالح ضيقة، وذلك بالجلوس على مائدة الحوار مع بقية الفرقاء السياسيين للتفاهم حول كل الإشكاليات القائمة، وحينما تمنحكم غالبية أبناء الجنوب تفويضاً بتقرير مصيرهم، عندها يمنكم تدويل القضية بشكل سلمي، وسيقف العالم بأسره إلى جانبكم حتى يتحقق الانفصال.

رسالة إلى حراس الجمهورية

لقد أقرنتكم العادة بنظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكنتم ومازلتم جزءاً من كل المشاريع السياسية المرتبطة به إلى اليوم، ولم تكونوا يوماً حراساً للجمهورية، كما أوهمتمونا منذ تَشَكُل نواتكم الأولى.

اتخذتم من الساحل الغربي مسرحاً لعملياتكم العسكرية ضد الحوثيين، وألحقتم رفقة خصومكم الويل والخراب بتهامة وماحولها، ومن منجزات صراعكم فيها مجاعة كبيرة تجتاح أحياءها، وزراعة آلاف الألغام المتفجرة في سهولها الزراعية، وانقطاع جل الخدمات، وتفشي الأوبئة بين سكانها، ومع هذا كله لم يحسم أي طرف منكم المعركة لصالحه، واكتفيتم بتقاسم جغرافيتها وتعميق معاناة مواطنيها حتى اللحظة.

ندعوكم الآن إلى تلبية رغبة الجمهورية التي ترعرتم في كنفها، وحملتم اسمها، وأن توقفوا الحرب فوراً، وتمدوا  أياديكم إلى السلام مع خصومكم من باب رد الجميل للشعب الذي احتضنكم جميعاً وأوغلتم في تعذيبه، فلم يعد بمقدوره تحمل مزيد من تبعات صراعكم الممتد منذ سنوات.

ختاماً، إليكم جميعاً، لقد دفع الشعب فاتورة باهظة لنزاعكم.. دماءً وحسرة، وجوع، ومرض وأمية، لذا فقد آن الأوان لتسمعوا من بعضكم، والبحث بجدية عن رؤى مشتركة لصناعة سلام حقيقي يعيد لحمة الشعب، ويزيل الأحقاد المترسبة في أعماقكم تجاه بعضكم البعض بما يفضي إلى إيقاف نهائي للحرب وقيام دولة موحدة مستقلة في إرادتها عن محيطها الإقليمي والدولي، دولة تحتكر السلاح في مؤسستيها العسكرية والأمنية، وتحتكم للديمقراطية والقانون، وتعمم مبادئ العدالة والتعايش والشراكة في المال والسلطة كسائر دول العالم الحديثة التي مرت بذات التجربة المؤسفة في اليمن، وتعلمت درساً مفاده أن الإقصاء والعنف والكراهية هي أسهل الطرق لخراب البلدان، وتفتيتها، ثم اتجهوا إلى إحلال السلام، وغرس ثقافة التعايش والشراكة تحت مظلة القانون، وهاهم اليوم يتبوؤون مراكز متقدمة على هرم التقدم والازدهار.

 

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً