أدت الحروب المتتالية في اليمن، شمالاً وجنوباً، إلى ازدياد موجات النزوح من مناطق الصراع إلى مناطق أخرى، بحثاً عن الأمن وسبل العيش.
فيما يلي مختارات أولى من قصص النزوح التي بعثها لنا بعض المشاركين في استبيان عن النزوح:
- في شغلي سابقاً في مركز صحي قريب من منزلنا، جاء شابان تعرضا لحادث بالموتور (دراجة نارية)، تدحرج الشابان من الموتور إلى وادي، وتم إسعافهما من قبل المارة، ثم تمت معالجتهما وتقطيب الجروح، أحد الشابين كانت جروحه عميقة ولكن من السهل خياطتها، هما نازحان، صاحب المركز طلب منهما مبلغ كبير جداً بدون مراعاة لوضعهما، تدخلنا، الممرضة وأنا ليخفض من سعر العلاج لم يقبل في بادي الأمر، لم يكن في جيوبهما سوى التلفون وبعض من المال الذي لا يكفي، وكانا قد اتصلا بمعارفهما الذين نزحوا أيضاً ليتم نقلهما إلى بيوتهما، للأسف صاحب المركز لم يخفض إلا الشيء القليل.
- في يوم أشبه بالخيال تعرضنا لقصف عنيف على جبل نقم، وكنا صيام نصنع الفطور في المطبخ وإذا باهتزازات وصراخ واحمرار يملأ البيت، أحسست بانخفاض شديد في الدم لدي، وفجأة أحسست بشيء بشع قام بدفعي دون رحمة أو شفقة. قررنا النزوح حينها، وبدأت أرمي على جسدي غطائي المعتاد للخروج، وفجأة أسمع صوت الدق على الباب وأسمع أصوات غريبة، وإذا به أخي وناس أغراب ويقول لنا لن نخرج بل سنستقبل النازحين من سكان جبل نقم عندنا، كوننا في مكان أقل خطورة من مكان وقوع الحادثة، استقبلتهم بابتسامة وقلبي يرجف من شدة الخوف وأخفيت مشاعري تجاههم لكي لا يشعروا بالهلع أكثر، وقلت لهم حياكم الله انتوا ضيوفنا وكانوا أيضاً صائمين، دخلت مسرعة إلى المطبخ لأكمل طباخة الفطور لأجلنا ولأجل النازحين لدينا، أخرجت لهم بطانيات لكي يتدفؤوا من شدة البرد والخوف، وعدت أكمل الطبيخ، وكلما كنت أمسك ملعقة تسقط بسبب ارتجاف يدي. عزمت أن أبقى قوية ليس لأجلي فقط، ولكن لأجل الذين أتوا ليحتموا في منزلنا، ليشعروا بالأمان، ظلوا إلى الليل، وكنت في غاية السعادة بهم، وبقينا نتبادل الأحاديث حول ما حدث، نضحك تارة ونبكي تارة، وأتى قريب لهم ليأخذهم لمكان بعيد، حزنت جداً عليهم لأني فعلاً أحببتهم.
- هذه قصة أسرة دفعتهم الحرب للنزوح من مكان سكنهم في شارع الثلاثين في تعز إلى حي الزنوج الذي أعيش فيه وماهي إلا أشهر معدودة حتى لحقت بهم قذيفة هاون إلى المنزل الذي نزحوا إليه، وعندما هرعنا إلى داخل البيت للمساعدة كانت المفاجأة، دخلنا لنجد أن رب الأسرة كان يعاني من الشلل الكلي، وابنته في حضنه تنزف وهو يراها لا يستطيع إلإ أن يحرك عينيه ويصيح راجياً المساعدة.
- في يوم من الأيام سمعت عن عائلة نازحة في حارتنا، مكونة من رب الأسرة وزوجته، ومعهم بنتين وولد (أبناؤهم)، وأكبر طفل بينهم عمره لا يتجاوز الـ 6 سنوات، سمعت أن رب الأسرة حاول قتل الولد لأنه كان يبكي من شدة الجوع والرجل مسكين لم يجد عملاً ولا لقي ما يعيل أهله، ولكن مع تدخل أهل الخير في منطقتي استطاعوا أن يساعدوه.
- قبل أشهر قليلة نزح عدد من مهمشي الحديدة إلى صنعاء بسبب الحرب الدائرة هناك، وفي صنعاء واجهوا ظروفاً أشد قسوة، فأصحاب المنازل رفضوا أن يؤجروا لهم بحجة أنهم “أخدام”، واضطروا للعيش على الأرصفة وقرب مكبات القمامة تحت عشش وطرابيل لا تقيهم برد الشتاء ولا حرارة الصيف، ولم يتم تضمينهم في كشوفات المستفيدين من المساعدات الغذائية الخاصة بالمنظمات والمؤسسات الخيرية، بسبب هذه الظروف التي واجهوها، ذهب بعضهم لممارسة التسول، وبعضهم امتهن سرقة الهواتف الجوالة في الأسواق والأماكن المزدحمة، وبعضهم الآخر تم استقطابه إلى جبهات الصراع تحت رايات أصولية متطرفة، وعاد إلى ذويه في صندوق خشبي بلا كفن، كما حدث مع أحد المهمشين من أبناء منطقتي التي أنتمي إليها.
- قصة لاسرة نازحة من الحديدة، كنت أتابع حالتها، ونسقت لها سكن، ووفرنا لها مع مبادرة شبابية بعض الفرش والسلل الغدائية، نزحت من الحديده لصنعاء بعد أن تركوا بيتهم في الحديدة، مكثت في صنعاء 4 أشهر، ثم وصلني من فاعل خير مبلغ بسيط، تذكرت هذه الأسرة بحيث أصبحت معدمة الحال، تواصلت معهم تفاجأت أنهم بالحديدة وفي اشتداد المعارك، سألتهم لماذا؟ قالت يعاملونا في صنعاء كأننا غرباء أو أمراض، معاملة استغلالية حتى في السكن، رفعوا علينا الإيجار، ولهذا عدنا للحديدة.
- قصة لطفل نازح كان يذهب للمدرسة وهو لا يملك زياً مدرسياً، وكان الأستاذ يضربه بسبب أنه لا يأتي بالزي المدرسي، والطفل حالتهم صعبة جداً لايملكون النقود لشراء زي مدرسي لطفلهم، وفي أحد الأيام طلب الأستاذ من الطلاب كتابة واجب مدرسي أو نشاط في البيت، الطلاب كلهم قاموا بكتابة النشاط إلا هذا الطفل الذي لم يكن يملك مالاً لشراء كتاب، وقد تعرض للضرب من المدرس بسبب عدم القيام بالنشاط، وعدم الالتزام بالزي المدرسي، وهذا جعل الطفل يهرب من المدسة ويذهب كي يعمل ويترك مستقبله.
- قصتي، تم أخذي من منزلي في قلب مدينة تعز بمنتصف شهر أغسطس عام ٢٠١٦م رغم أني لست عنصراً مسلحاً ولست مقاتلاً، وتم احتسابي على طرف معين، ونجوت من الجماعات المتطرفة بأعجوبة، وتنقلت دون أسرتي من مكان إلى آخر حتى تمكنت من الوصول إلى منطقة تدعى بالحوبان، زوجتي وأولادي غادروا المنزل بعد أسبوع من أخذي ومحاولة إخفائي من قبل المتشددين، وذهبوا إلى منطقة أخرى آمنة، ثم لحقوا بي بعد سبعة أشهر. منزلي تم نهب كافة محتوياته، ثم تم الاستيلاء عليه، سيارتي تم إحراقها، فقدت وزوجتي وأولادي منزلنا العزيز علينا وكل ما كان يحتويه من آثاث، ونحن الآن نسكن في منطقة بعيدة أقصى شرق محافظة تعز وفي مدرسة خاصة لأني لا أستطيع دفع إيجار شهري، أولادي لا يستطيعون تلقي التعليم كما في السابق، وزوجتي تعاني من حالة نفسية مضطربة نتيجة خوف سابق لحقها بسبب غارات جوية متلاحقة قبل نزوحنا.
- قصه صغيرة لشخص كان في المشفى بسبب تعرض ابنه للمرض، عندما رجع للبيت وجد أمه وأبوه أموات وبيته مدمر فلجأ إلى منطقة قريبة، وذهب إلى مخيم للنازحين، الشخص المسؤول عن المخيم قام باستقباله، وعندما رأى زوجة الشخص النازح وجمالها، وفر له كل الخدمات الأساسية، وقال إنه سوف يوفر له مسكن بدل مخيم النازحين، ورغم أن الشخص لا يريد لكن أصر على ذلك، رفض النازح وعندما شعر بخوف اضططر للجوء إلى مكان آخر، لكن هنا جاءت الفاجعة وهي أنه تم اغتصاب الزوجة من القوة الحامية للمخيم، وهددوا الزوج بأنه سوف يتم قتل أطفاله إذا تكلم، وهنا اضطر الزوج إلى أن يبلغ المنظمات عن الا انتهاك، لكن لم تحرك ساكناً أبداً بسبب أن القوة هي السلاح في ذلك المخيم.
- قصه طويلة أختصرها أن هناك نازح تمنيت الموت عندما شاهدت بناته الصغار يأخذن بقايا الطعام من براميل القمامة ويذهبن به إلى البيت نظراً أن والدهن يعاني من تهشم بفقرات في العمود الفقري ولا يقوى على العمل، والحمد لله لا يزال هناك باليمن أهل الخير دون علم تلك الأسرة عن فاعل الخير قدمنا لهم يد المساعدة، وما يوجع القلب أننا نعلم بوجود الكثير والكثير أمثال هؤلاء لكن من يدلنا عليهم فيكسب أجرهم.
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟
ذات مره كنت في طريقي من الشيخ إلى المنصورة في محافظة عدن فإذا بي اسمع صوت انفجار و الناس تهرب من جوار جولة القاهرة .
بعد دقائق عادت الناس لمكان الانفجار و تفاجأت أن شخص رمى قنبله في عدد من النازحين المهمشين من أبناء الحديدة الذي يعيشون تحت الأشجار على حافة الطريق و قمت بمساعدة الخيرين باسعاف الجرحى جلهم أطفال ،كانت الدماء تسيل و المكان يملاه الصياح فتاثرت بذلك المشهد الفضيع و تأملت كثيرا أيعقل أن يكون بشر الذي رمى القنبله في الأطفال لأنهم من شمال اليمن و نزحو إلى الجنوب اهكذا وصلت بنا العنصرية في إخوة لنا في الدين قبل أن يكونو أخوة يمنيين .
الاف النازحين يعيشون حياة الم وقسوه ولا يجيدون من يتعاون معهم ومن الناس لا يسئلون الحفا